اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 870
قد يحتاج إلى القيام إليها من لذيذ النّوم، ولهذا زيد في أذانه: (الصّلاة خير من النّوم) [1] ، ومن قال: صلاة العصر [2] فقد روي ذلك عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم [3] ، فلكون وقتها في أثناء الأشغال لعامّة الناس بخلاف سائر الصلوات التي لها فراغ، إمّا قبلها، وإمّا بعدها، ولذلك توعّد النّبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: «من فاته صلاة العصر فكأنّما وتر أهله وماله» [4] .
وسع
السَّعَةُ تقال في الأمكنة، وفي الحال، وفي الفعل كالقدرة والجود ونحو ذلك. ففي المكان نحو قوله: إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ
[العنكبوت/ 56] ، أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً [النساء/ 97] ، وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ [الزمر/ 10] وفي الحال قوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ
[الطلاق/ 7] وقوله: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ
[البقرة/ 236] والوُسْعُ من القدرة: ما يفضل عن قدر المكلّف. قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
[البقرة/ 286] تنبيها أنه يكلّف عبده دوين ما ينوء به قدرته، وقيل: معناه يكلّفه ما يثمر له السَّعَة. أي: جنّة عرضها السّموات والأرض كما قال: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة/ 185] وقوله: وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
[الأعراف/ 89] فوصف له نحو: أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً [الطلاق/ 12] وقوله: وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ
[البقرة/ 268] ، وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً
[النساء/ 130] فعبارة عن سَعَةِ قدرته وعلمه ورحمته وإفضاله كقوله: وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
[الأنعام/ 80] وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
[الأعراف/ 156] ، وقوله: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
[الذاريات/ 47] فإشارة إلى نحو [1] قال الترمذي: فسّر ابن المبارك وأحمد أنّ التثويب أن يقول المؤذّن في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم، وهو قول صحيح، ويقال لها: التثؤّب أيضا، وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه، روي عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم. راجع: عارضة الأحوذي 1/ 215، وشرح الموطأ للزرقاني 1/ 144، ومعالم السنن 1/ 155. [2] وهو قول أكثر العلماء. وقاله من المالكية ابن حبيب وابن العربي وابن عطية، وهو الصحيح عند الحنفية والحنابلة، وذهب إليه أكثر الشافعية.
انظر: الزرقاني 1/ 286، وفتح الباري 8/ 194. [3] ففي الحديث أنه صلّى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: «شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا» .
انظر: فتح الباري في التفسير 8/ 195، ومسلم في المساجد رقم 627. [4] أخرجه الشيخان عن ابن عمر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّ الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله» . انظر: فتح الباري في المواقيت 2/ 24، ومسلم في المساجد رقم 626، ومالك في الموطأ 1/ 11، وغيرهم.
اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 870