اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 86
وكذا قوله: ويل أمّه [1] ، وكذا: هوت أمّه [2] والأمّ قيل: أصله: أمّهة، لقولهم جمعا: أمهات، وفي التصغير: أميهة [3] .
وقيل: أصله من المضاعف لقولهم: أمّات وأميمة. قال بعضهم: أكثر ما يقال أمّات في البهائم ونحوها، وأمهات في الإنسان.
والأُمّة: كل جماعة يجمعهم أمر ما إمّا دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرا أو اختيارا، وجمعها:
أمم، وقوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ [الأنعام/ 38] أي: كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع، فهي من بين ناسجة كالعنكبوت، وبانية كالسّرفة [4] ، ومدّخرة كالنمل ومعتمدة على قوت وقته كالعصفور والحمام، إلى غير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع.
وقوله تعالى: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً [البقرة/ 213] أي: صنفا واحدا وعلى طريقة واحدة في الضلال والكفر، وقوله: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً [هود/ 118] أي: في الإيمان، وقوله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران/ 104] أي: جماعة يتخيّرون العلم والعمل الصالح يكونون أسوة لغيرهم، وقوله: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ [الزخرف/ 22] أي: على دين مجتمع. قال:
25-
وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع
«5» وقوله تعالى: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ [يوسف/ 45] أي: حين، وقرئ (بعد أمه) [6] أي: بعد نسيان. وحقيقة ذلك: بعد انقضاء أهل عصر أو أهل دين.
وقوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ [النحل/ 120] أي: قائما مقام جماعة في عبادة الله، نحو قولهم: فلان في نفسه قبيلة. وروي:
«أنه يحشر زيد بن عمرو بن نفيل أمّة وحده» [7] . [1] قال ابن منظور: وقوله: ويل أمّه فهو مدح خرج بلفظ الذم. [2] قال ابن بري: قوله: هوت أمّه يستعمل على جهة التعجب كقولهم: قاتله الله ما أسمعه!. [3] لأنّ الجمع والتصغير يردّان الأشياء لأصولها، فأصلها هاء على هذا. وهذا قول الخليل في العين 8/ 424. [4] هي دويبّة غبراء تبني بيتا حسنا تكون فيه، وهي التي يضرب بها المثل فيقال: أصنع من سرفة.
(5) هذا عجز بيت للنابغة الذبياني، وصدره:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
وهو في ديوانه ص 81، والغريبين 1/ 93، واللسان (أمم) . [6] وهي مروية عن شبيل بن عزرة الضبعي، وهي قراءة شاذة. راجع القرطبي 9/ 201، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 143. [7] الحديث في مسند الطيالسي ص 32 عن سعيد بن زيد أنه قال للنبيّ صلّى الله عليه وسلم: إنّ أبي كان كما رأيت وكما بلغك فاستغفر له، قال: «نعم فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده» . راجع الإصابة 1/ 70، وأخرجه أبو يعلى، وإسناده حسن، انظر:
مجمع الزوائد 9/ 420.
اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 86