اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 492
وشرائطها، لا الإتيان بهيئتها فقط، ولهذا روي (أنّ المُصَلِّينَ كثير والمقيمين لها قليل) [1] ، وقوله تعالى: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر/ 43] ، أي: من أتباع النّبيّين، وقوله: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى
[القيامة/ 31] ، تنبيها أنه لم يكن ممّن يُصَلِّي، أي يأتي بهيئتها فضلا عمّن يقيمها. وقوله: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً
[الأنفال/ 35] ، فتسمية صَلَاتِهِمْ مكاء وتصدية تنبيه على إبطال صلاتهم، وأنّ فعلهم ذلك لا اعتداد به، بل هم في ذلك كطيور تمكو وتصدي، وفائدة تكرار الصلاة في قوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ [المؤمنون/ [1]- [2]] إلى آخر القصّة حيث قال: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ [المؤمنون/ 9] ، فإنّا نذكره فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله [2] .
صمم
الصَّمَمُ: فقدانُ حاسّة السّمع، وبه يوصف من لا يُصغِي إلى الحقّ ولا يقبله. قال تعالى:
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ
[البقرة/ 18] ، وقال: صُمًّا وَعُمْياناً
[الفرقان/ 73] ، وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ
[هود/ 24] ، وقال:
وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا
[المائدة/ 71] ، وشبّه ما لا صوت له به، ولذلك قيل: صَمَّتْ حَصَاةٌ بِدَمٍ [3] ، أي: كثر الدّم حتى لو ألقي فيه حصاة لم تسمع لها حركة، وضربة صِمَّاءُ. ومنه:
الصِّمَّةُ للشّجاع الذي يُصِمُّ بالضّربة، وصَمَمْتُ القارورةَ: شددت فاها تشبيها بالأَصَمِّ الذي شدّ أذنه، وصَمَّمَ في الأمر: مضى فيه غير مصغ إلى من يردعه، كأنه أَصَمُّ، والصَّمَّانُ: أرض غليظة، واشتمالُ الصَّمَّاءِ: ما لا يبدو منه شيءٌ.
صمد الصَّمَدُ: السَّيِّدُ: الذي يُصْمَدُ إليه في الأمر، وصَمَدَهُ: قصد معتمدا عليه قصده، وقيل: الصَّمَدُ الذي ليس بأجوف، والذي ليس بأجوف شيئان: أحدهما لكونه أدون من الإنسان كالجمادات، والثاني أعلى منه، وهو الباري والملائكة، والقصد بقوله: اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص/ [2]] ، تنبيها أنه بخلاف من أثبتوا له [1] ومثله قول عمر رضي الله عنه: الموسم كثير، والحج قليل، ذكره المؤلف في مقدمة تفسيره ص 157. [2] قال البقاعي: ولمّا كانت الصلاة من أجلّ ما عهد فيه من أمر الدين وآكده، وهي من الأمور الخفية التي وقع الائتمان عليها، لما خفف الله فيها على هذه الأمة بإيساع زمانها ومكانها قال: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ التي وصفوا بالخشوع فيها يُحافِظُونَ أي: يجدّدون تعهدها بغاية جهدهم، لا يتركون شيئا من مفروضاتها ولا مسنوناتها، ويجتهدون في كمالاتها. ا. هـ. نظم الدرر: 13/ 109. [3] انظر الأمثال ص 346، ومجمع الأمثال 1/ 393، والمستقصى 2/ 142.
اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 492