اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 370
للحبّ المأكول رَيْحَانٌ في قوله: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ
[الرحمن/ 12] ، وقيل لأعرابيّ: إلى أين؟ فقال: أطلب من رَيْحَانِ الله، أي: من رزقه، والأصل ما ذكرنا. وروي: «الولد من رَيْحَانِ الله» [1] وذلك كنحو ما قال الشاعر:
203-
يا حبّذا ريح الولد ... ريح الخزامى في البلد
«2» أو لأنّ الولد من رزق الله تعالى. والرِّيحُ معروف، وهي فيما قيل الهواء المتحرّك. وعامّة المواضع الّتي ذكر الله تعالى فيها إرسال الرّيح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب، وكلّ موضع ذكر فيه بلفظ الجمع فعبارة عن الرّحمة، فمن الرِّيحِ: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً
[القمر/ 19] ، فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً [الأحزاب/ 9] ، مَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
[آل عمران/ 117] ، اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ [إبراهيم/ 18] . وقال في الجمع:
وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
[الحجر/ 22] ، أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ
[الروم/ 46] ، يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً [الأعراف/ 57] . وأمّا قوله:
يرسل الرّيح فتثير سحابا [3] فالأظهر فيه الرّحمة، وقرئ بلفظ الجمع [4] ، وهو أصحّ.
وقد يستعار الرّيح للغلبة في قوله: وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال/ 46] ، وقيل: أَرْوَحَ الماءُ:
تغيّرت ريحه، واختصّ ذلك بالنّتن. ورِيحَ الغديرُ يَرَاحُ: أصابته الرِّيحُ، وأَرَاحُوا: دخلوا في الرَّوَاحِ، ودهن مُرَوَّحٌ: مطيّب الرّيح. وروي:
«لم يَرَحْ رَائِحَةَ الجنّة» [5] أي: لم يجد ريحها، والمَرْوَحَةُ: مهبّ الرّيح، والمِرْوَحَةُ: الآلة التي بها تستجلب الرّيح، والرَّائِحَةُ: تَرَوُّحُ هواء.
ورَاحَ فلان إلى أهله إمّا أنه أتاهم في السّرعة كالرّيح، أو أنّه استفاد برجوعه إليهم روحا من [1] الحديث عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الولد من ريحان الجنّة» . أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 4/ 1467، وأخرجه الحكيم الترمذي من طريق آخر عن خولة بنت حكيم، وانظر: الفتح الكبير 3/ 308.
(2) البيت لأعرابية ترقّص ولدها، وبعده:
أهكذا كلّ ولد ... أم لم تلد قبلي أحد
وهو في ربيع الأبرار 3/ 521، وشرح نهج البلاغة 3/ 22. [3] سورة الروم: آية 48، وهذه قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف. [4] وبها قرأ نافع وأبو جعفر المدنيان، وأبو عمرو البصري وابن عامر الشامي وعاصم الكوفي، ويعقوب البصري.
راجع: الإتحاف 348. [5] الحديث عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنّة، وإنّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما» .
أخرجه البخاري في كتاب الجزية 6/ 269، وأحمد في المسند 5/ 36، وأبو داود في الجهاد برقم (2760) ، وانظر: شرح السنة 10/ 152.
اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 370