responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 270
من حيث إنه لم تمته الذّنوب، كما أماتت كثيرا من ولد آدم صلّى الله عليه وسلم، لا أنه كان يعرف بذلك فقط فإنّ هذا قليل الفائدة. وقوله عزّ وجلّ: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [يونس/ 31] ، أي: يخرج الإنسان من النّطفة، والدّجاجة من البيضة، ويخرج النّبات من الأرض، ويخرج النّطفة من الإنسان. وقوله عزّ وجلّ: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها
[النساء/ 86] ، وقوله تعالى: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النور/ 61] ، فَالتَّحِيَّة أن يقال: حيّاك الله، أي: جعل لك حياة، وذلك إخبار، ثم يجعل دعاء. ويقال: حَيَّا فلان فلانا تَحِيَّة إذا قال له ذلك، وأصل التّحيّة من الحياة، ثمّ جعل ذلك دعاء تحيّة، لكون جميعه غير خارج عن حصول الحياة، أو سبب حياة إمّا في الدّنيا، وأمّا في الآخرة، ومنه «التّحيّات لله» [1] وقوله عزّ وجلّ: وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ [البقرة/ 49] ، أي: يستبقونهنّ، والحَياءُ:
انقباض النّفس عن القبائح وتركه، لذلك يقال:
حيي فهو حيّ [2] ، واستحيا فهو مستحي، وقيل:
استحى فهو مستح، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [البقرة/ 26] ، وقال عزّ وجلّ: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب/ 53] ، وروي: «إنّ الله تعالى يستحي من ذي الشّيبة المسلم أن يعذّبه» [3] فليس يراد به انقباض النّفس، إذ هو تعالى منزّه عن الوصف بذلك وإنّما المراد به ترك تعذيبه، وعلى هذا ما روي: «إنّ الله حَيِيٌّ» [4] أي: تارك للقبائح فاعل للمحاسن.

[1] حديث التشهد، أخرجه البخاري 2/ 311، باب التشهد في الآخرة، ومسلم برقم (402) ، والترمذي (انظر:
عارضة الأحوذي 2/ 83، ومعالم السنن 1/ 226) ، وابن ماجة برقم (899) ، والنسائي 2/ 240 في التشهد.
[2] انظر: الأفعال 1/ 372.
[3] الحديث عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «إنّ الله يستحي أن يعذّب شيبة شابت في الإسلام» .
قال العجلوني: هكذا ذكره الغزالي في الدرّة الفاخرة، ورواه السيوطي في الجامع الكبير عن ابن النجار بسند ضعيف. راجع: كشف الخفاء 1/ 244.
[4] الحديث عن سلمان عن النبي قال: «إنّ الله حييّ كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردّهما صفرا خائبتين» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم. قال البغوي: هذا حديث حسن غريب.
وقال ابن حجر: سنده جيد. راجع: فتح الباري 11/ 143، وشرح السنة 5/ 185، وسنن ابن ماجة 2/ 1271، وسنن أبي داود برقم (1488) كتاب الصلاة، باب الدعاء، وعارضة الأحوذي 13/ 68، والحاكم 1/ 497، وانظر:
الفتح الكبير 1/ 333.
وفي حديث آخر: «إنّ الله تعالى حييّ ستّير، يحبّ الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر» أخرجه أحمد في المسند 4/ 224، وأبو داود برقم 4012 والنسائي 1/ 200، وانظر: الفتح الكبير 1/ 333.
اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 270
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست