اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 241
إحصائه وتحصيله هو أنّ الحقّ واحد، والباطل كثير بل الحقّ بالإضافة إلى الباطل كالنقطة بالإضافة إلى سائر أجزاء الدائرة، وكالمرمى من الهدف، فإصابة ذلك شديدة، وإلى هذا أشار ما روي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «شيّبتني هود وأخواتها» ، فسئل: ما الذي شيّبك منها؟ فقال: قوله تعالى:
فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ [1] ، وقال أهل اللغة:
(لن تحصوا) أي: لا تحصوا ثوابه.
حضَ
الحضّ: التحريض كالحثّ، إلا أنّ الحثّ يكون بسوق وسير، والحضّ لا يكون بذلك [2] .
وأصله من الحثّ على الحضيض، وهو قرار الأرض، قال الله تعالى: وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ
[الحاقة/ 34] .
حضب الحَضَب: الوقود، ويقال لما تسعّر به النار: مِحْضَب، وقرئ: (حضب جهنّم) [3] .
حضر
الحَضَر: خلاف البدو، والحَضَارة والحِضَارَة: السكون بالحضر، كالبداوة والبداوة، ثمّ جعل ذلك اسما لشهادة مكان أو إنسان أو غيره، فقال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
[البقرة/ 180] ، نحو: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [الأنعام/ 61] ، وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ [النساء/ 8] ، وقال تعالى: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [النساء/ 128] ، عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ [التكوير/ 14] ، وقال: وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون/ 98] ، وذلك من باب الكناية، أي:
أن يحضرني الجن، وكني عن المجنون بالمحتضر وعمّن حضره الموت بذلك، وذلك لما نبّه عليه قوله عزّ وجل: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق/ 16] ، وقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ [الأنعام/ 158] ، وقال تعالى: ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً
[آل عمران/ 30] ، أي: مشاهدا معاينا في حكم الحاضر عنده، وقوله عزّ وجلّ: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ
[الأعراف/ 163] ، [1] الحديث أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» عن أبي علي السري رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله روي عنك أنك قلت: شيبتني هود؟ قال: «نعم» ، فقلت: ما الذي شيّبك منه، قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟ قال: «لا ولكن قوله: فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ» . [آية 112] .
وعن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله قد شبت، قال صلّى الله عليه وسلم: «شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعمّ يتساءلون وإذا الشمس كوّرت» . أخرجه الترمذي وحسّنه، والحاكم 2/ 343 وصححه ووافقه الذهبي، انظر: الدر المنثور 4/ 396- 398، وشرح السنة 14/ 372. [2] انظر: المجمل 1/ 214. [3] سورة الأنبياء الآية 98. وهي قراءة شاذة، قرأ بها ابن عباس واليماني. راجع: المحتسب 2/ 66، والبحر 6/ 340.
اسم الکتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 241