responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 9
الرفعة بكون الآيات مادية أو حسية، بل بأمور قدَّرها الحكيم العليم الذي له وحده حق نوع التفضيل والرفعة.
ونعود بعد ذلك إلى الإجابة عن السؤال الوارد، فنقول: إن العلماء قالوا: إن كل معجزة مناسبة للعصر الذي أرسل فيه كل نبي؛ إذ تكون هادية ومرشدة، وخرقها للعادات الجارية يكون أوضح، ومناسبتها لرسالة النبي المبعوث يكون دليلًا على كمال الرسالة وعموم شمولها لكلّ الأزمنة.
وقد نخالفهم في بعض ما ذكروا أو نوافقهم، فنرى أنَّ إبراهيم جاء في قوم كانوا على مقربة من عبدة النار، فكان في إطفاء الله تعالى للنار من غير سبب ظاهر بيان بعجز النار التي تعبد.
ونوافقهم في أنَّ معجزات موسى -عليه السلام- كانت مناسبة لأهل مصر؛ لأن السحر والكهانة كانا فيهم، وقد كان للسحرة مكانة عندهم، وبقية المعجزات كانت متعلقة بالزرع وآفاته، وهم أهل زرع وضرع من أقدم العصور، كما قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ، وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الأعراف: 133-135] .
وهكذا كانت تسع آيات حسية مناسبة لأهل مصر، وبني إسرائيل، فكانوا يقولون: إنه سحر. واقرأ قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا، قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 101-102] .
3- هذه معجزات إبراهيم وموسى -عليهما الصلاة والسلام، وهي مناسبة لزمنهما، وكذلك معجزة عيسى -عليه الصلاة والسلام- كانت مناسبة لعصره، لا لأن عصره شاع فيه علم الطب كما يقول بعض علماء الكلام؛ لأن علم الطب لم يكن رائجًا بين بني إسرائيل، فلم يكن بينهم علم أبقراط، كما قرر رينان في كتابه "حياة يسوع"، بل إن معجزاته كانت من ذلك النوع لسبب آخر يجب أن نتلمَّسه من غضون التاريخ، ومن حال بني إسرائيل، ذلك أن العصر كان عصرًا ماديًّا يؤمن بالمادة ولا يؤمن بالغيب، بل كان من اليهود من لا يؤمن باليوم الآخر، وإنك لترى أن التوراة التي بأيدينا، وهي ميراثهم من التوراة التي حرفت، تقرر أن نفس الإنسان هي دمه.

اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست