اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 36
قراءات القرآن:
21- يقرأ القرآن الكريم بقراءات مختلفة: مختلفة في حركات أواخر الكلمات، أو في بناء الكلمة، أو في الوقوف في أواخر الكلمات، أو في الهمزات قطعًا ووصلًا، كهمزة الأرض، فهي تقرأ موصولة ومقطوعة، وهكذا، وإنَّه يجب التنبيه في هذا إلى أمرين:
أولهما: إنَّ قراءات القرآن متواترة ليست هي الأحرف السبعة كما ذكرنا، بل إن الرأي القويم الذي انتهى إليه الباحثون كابن جرير[1] الطبري وغيره إلى أنَّ القراءات كلها تنتهي إلى حرف واحد، وهو الذي كُتِبَ به المصحف المحفوظ عند أم المؤمنين حفصة، وهو الذي جمعه عثمان بن عفان -رضي الله عنه، وألزم به الأقاليم الإسلامية، وهو مطابق تمام المطابقة للمصحف الذي كُتِبَ في عهد أبي بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما، وهو الذي حفظ في بيت أم المؤمنين حفظة -رضي الله تعالى عنها وعن أبيها الفاروق.
الأمر الثاني: إنَّ هذه القراءات تنتهي في نهايتها إلى أنَّها من ترتيل القرآن الذي رتله الله -سبحانه وتعالى، وتفضَّل بنسبته إلى ذاته الكريمة العلية، فقال تبارك وتعالى: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] فهي الأصوات التي أثرت عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وإذا كان فيها موسيقى -إن صحَّ لنا أن نقول عنها هذا التعبير- فهي الأصوات القرآنية التي اتبعناها عن النبي -صلى الله عليه وسلم، فهي في مدّها وغنّها، وإهمازها، وإهمال همزاتها، وإمالها وإقامتها، أصوات القرآن المأثورة؛ إذ إنَّ القراءة سُنَّة متبعة، وإن اختلاف القراءات الصحيحة وكلها متواترة عن الصحابة الذين أقرأهم النبي -صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم طرق الأداء التي تعلمها عن ربه، كما يشير إلى ذلك ما تلونا من قبل، وهو قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 16-19] . [1] توفِّي سنة 310هـ.
اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 36