responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 245
وقد رأينا في الآيات القصار أنَّ كل آية تصلح وحدها لِأَنْ تكون موضع تدبر، بل يلزم فيها التدبر وإن كانت متصلة بما بعدها وثيقة الاتصال.
ولنتل عليك بعض الآيات القصار، من ذلك قوله تعالى في سورة ص: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ، وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ، إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ، وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ، وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ، اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ، إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ، وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ، وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ، إِنَّ هَذَا أَخِي لَُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ، قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ، فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ} [ص: 12-25] .
وهنا نجد الآيات كلها تتلاقى في العبرة وتثبيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بأخبار النبيين، وما كان من أقوامهم معهم، وذكرت بعض قصة داود -عليه السلام، وما يتعلق بحكمه، ومتاعبه من الخصوم، ثم حكمه وخطئه فيه.
هذا كله معنى متلاحق الأجزاء بعضه يتمم بعضه، ويتكوّن من الجميع صورة بيانية تستولي على لب الناظر إليها، والمتفهِّم لمعناها، ولكن في الآيات القصار أجزاء كاملة في ذاتها، وأن تكون من مجموعها كل كامل غير منقطع، فاقرأ من قصة داود -عليه السلام- أول ما أورد، تجد قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} فهذه صورة كاملة لنبي من أنبياء الله تعالى، آتاه الله تعالى السلطان القويّ المؤيد الثابت القائم على الحق، وتلك وحدها صورة بيانية تستدعي التدبر فيها، وجاء بها القرآن الكريم مفصولة في الفاصلة عمَّا وراءها؛ لأنها وحدها يجب تدبرها؛ لاجتماع الدنيا والدين في رسول رب العالمين، فلا يحسبنَّ أحد أن الزهد في الفقر والحاجة، إنما الزهد في العفة؛ حيث تكون القدرة، ثم جاءت الآية التي تليها مبينة مقدار قوته تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} فهي له خاضعة، ثم الطير محشورة، وهكذا كانت الفواصل معلنة أن ما قبلها يدعو إلى تدبره والتفكير فيه.

اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست