اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 202
تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] .
وإن عبارة النص تفيد طلب العدالة مع اليتامى، وإفادة إباحة تعدد الزوجات مثنى وثلاث ورباع، وإباحة الدخول بملك اليمين، هذه أحكام علمت من العبارة نفسها.
وهناك أحكام أخرى فهمت من لوازم العبارة، وهي الدلالة بالإشارة التي هي ضرب من ضروب الكناية: الأوّل وجوب العدل مع الزوجة، وأن الرجل لا يحل له أن يتزوج إذا لم يعدل مع الزوجة ولو واحدة، إذا تأكد أنه لا يعدل، والثاني الذي يدل عليه لازم الآيات أنَّ المساواة بين الأزواج في الأمور الظاهرة كالطعام والمسكن، والكسوة والمبيت إذا عدَّد الأزواج واجبة، وتدل بالَّلازم أن عليه نفقة زوجته، وأنه لا يتزوَّج إلَّا إذا كان قادرًا على إعالة زوجته.
وذكروا من الآيات التي تدل بلازم المعنى فيها آية المداينة، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] .
وإن الأحكام التي وردت بهذا النص كثيرة لا نريد أن نحصيها، ولكن ورد فيها أحكام ليست من النص، ولكنها لازمة للنص، منها: أنَّ المكتوب يكون حجة على من أملاه وخصوصًا أنه موثق بالشهادة، وهو حجة لمن أثبت الاستدلال بالكتابة في المرافعات، ويفيد باللزوم بأن السفيه أو الضعيف الذي له ولي مال تكون عبارة الولي المالي عبارته، ويلتزم بما تثبته.
ويفيد ثالثًا بأن شهادة المرأة لا تسمع وحدها، بل تسمع مع أختها التي تشهد معها؛ لأن الله تعالى يقول: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} وذلك يقتضي أن تحضرا معًا لتسترشد كل واحدة بالأخرى إن ضلَّت، وذلك فهم من مقتضى أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى؛ لأنه لا يمكن أن يكون ذلك إلَّا إذا اجتمعتا في
اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 202