responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 190
تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] .
فالتعبير بأمّ الكتاب تعبير مجازي بالاستعارة؛ لأنَّ الأم هي الأصل وهي التي تقوم على أولادها، ويرجعون إليها في غذائهم وعواطفهم، فتشبهت بها الآيات المحكمات التي هي أصل الدين ومرجعه, وإذا كانت متشابهات، فهي تفسير بالرجوع إلى هذا الأصل، وهو المحكمات.
ومثل ذلك قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] ، والتعبير مجازي بالاستعارة، والمراد بالأم الأصل، وهو الشريعة المتفقة في كل الديانات، فينسخ الله تعالى ويثبت، ولكن أصل هذه الشرائع لا يتغير، وهو الذي بينه الله تعالى في قوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] .
ومن الاستعارة في الأفعال قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ} [التوبة: 111] . فقد شبه -سبحانه وتعالى- تقديم المؤمنين أنفسهم رجاء ما عنده من نعيم مقيم ورضوان من الله أكبر، شبَّه ذلك بمبايعة بينهم وبين ربهم لكمال الالتزام عليهم، ورجاء ما طلبوه من رضوان ونعيم مقيم، وهي استعارة تمثيلية، والاستعارة التمثيلية فيها تشبه حال بحال، لا تشبيه ألفاظ مفردة بمثلها، وإن المشبه محذوف، ولذا تحقق كونها استعارة.
ومن الاستعارة التعبير عن النفاق بالمرض، وإن ذلك كثير في القرآن، ومنه قوله تعالى في وصف المنافقين: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10] ، وقوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ، وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 124، 125] .
وفي الآيتين الكريمتين نجده -سبحانه وتعالى- عبَّر عن النفاق بالمرض، وذلك للمشابهة بين مرض الأجساد والنفاق، فهو يفسد القلوب، والعقول والمدارك، كما يفسد المرض الأجساد ويضعف الحركات وقد يشلها، ومعه الوهن دائمًا.
ومن الاستعارات القرآنية التي تعلو إلى أسمى مراتب البلاغة، ولا يصل إليها بيان إنساني، إنما هو بيان القرآن فقط، قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً

اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست