المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها - ابن جني

اسم الکتاب : المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 359

سورة إبراهيم:
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأ أبو السمال: "بِلِسْنِ قَوْمِهِ"[1].
قال أبو الفتح: حُكي أن بعض أصحابنا قال: دخلت علي أبي السمال وهو ينتف شعر إسْبِهِ وهو يقرأ: "ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسْنِ قومه"، وإِسْبُهُ يعني عانته، فاللِّسْنُ واللسان، كالريش والرياش: فِعْل وفِعَال بمعنى واحد. هذا إذا أردت باللسان اللغة والكلام. فإن أردت به العضو فلا يقال فيه: لِسْن؛ إنما ذلك في القول لا العضو. وكأن الأصل فيهما للعضو، ثم سَمَّوا القول لسانًا؛ لأنه باللسان، كما يُسَمى الشيء باسم الشيء لملابسته إياه؛ كالراوية[2] والظعينة[3] ونحوها.
ومن ذلك قراءة الحسن: "فَلِيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"[4].
قال أبو الفتح: هذا لعمري الأصل في لام الأمر: أن تكون مكسورة، إلا أنهم أقروا إسكانها تخفيفًا. وإذا كانوا يقولون: مُرْه فلْيَقُمْ، فيسكنونها مع قلة الحروف والحركات، فإسكانها مع كثرة الحروف والحركات أمثل، وتلك حالها في قوله: "فَلِيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"، لا سيما وقبلها كسرة الهاء، فاعرف ذلك، فإن مصارفة الألفاظ باب معتمد في الاستثقال والاستخفاف.
ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وابن محيصن: "وَاسْتَفْتِحُوا"[5].

[1] سورة إبراهيم: 4.
[2] الراوية: الدابة يستقى عليها، وتسمى بها المزادة فيها الماء.
[3] الظعينة: الهودج، وتسمى بها المرأة ما دامت في الهودج.
[4] سورة إبراهيم: 11.
[5] السورة السابقة: 15.

اسم الکتاب : المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 359

صيغة PDF

شهادة

الفهرست