اسم الکتاب : العزف على أنوار الذكر المؤلف : محمود توفيق محمد سعد الجزء : 1 صفحة : 101
إذا ما كان هذا فى إنباء مطلع القرآن الكريمِ بما حواه تفصيلا فى سوره، فالأمر كمثله فى كلِّ سُورة، إذْ ينبئ مطلعُ كلِّ سورة على مضمونها ومقصودها. وأهل العلم بالبيان على أن يكون الابتداءُ دلائلَ البيان مناسبًا لقصد المتكلم من جميع جهاته [1] فاستبصار مقصود المتكلم من مفتح كلامه نهج قديم وسنن تليد دعا إليه وأخذ به الأقدمون وهو فى باب التدبُّر القرآنيّ أسمق وأوسق. (2)
واذا ما كانت سور القران الكريم ليست على درجة سواء فى طولها وقصرها وعدد آياتها، فانَّه لمن العسير أن يكون ثَمَّ معيار كَمِّيٌّ للمطلع، وليس هناك تلازم توافقي بين مقدار المطلع ومقدار سورته طولا وقصرا، ولكن الذى هو أقرب أنَّ المطلع هو مجموع ما انتظم به تمام المعنى ولهذا تستطيع أن تستانس فى هذا بهدى النبوة.
روى الدَّارميُّ - رضي الله عنه - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - – موقفا: [1] - الصناعتين للعسكري: 489، سرّ الفصاحة:270، منهاج البلغاء لحازم: 309
(2) - يقول البدر بن مالك "ت 686 هـ": «واذا نظرت الى فواتح السورجملها ومفرداتها رايت من البلاغة والتقنن وأنواع الاشارة ما يقصر عن كنه وصفة العبارة» (المصباح:271) ويقول الخطيب (739 هـ) «وأحسن الابتداءات ما ناسب المقصود» (الإيضاح: بغية: 4/130) ثم يقول فى آخر العبارة له فى الايضاح «جميع فواتح السور وخواتمها واردة على احسن وجوه البلاغة واكملها – يظهر ذلك بالتامل فيها مع التدبر لما تقدم من الاصول) .
وهى مقالة كثيفة متَّسمة بالإشارة إلى أنَّ استبصار دلالة المطلع على المقصود إنَّما يكون بالتامل والتدبر وفقا لأصول علوم البلاغة المعانى والبيان من خصائص أنماط التراكيب وضروب التصوير وصنوف التحبير، فهذا إيماء إلى وجوب التدبر البيانيّ لمطلع السورة لاستكشاف دلالتها على مقصود السورة، وذلك يعنى أن دلالته على المقصود ذات خفاء لا يستبصره إلا أهل العلم.
اسم الکتاب : العزف على أنوار الذكر المؤلف : محمود توفيق محمد سعد الجزء : 1 صفحة : 101