اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 92
النبي
لو أتيح لعلماء الطبيعة أن يحملوا قطعة من الحديد على الكلام عندما تكون متعرضة للتأثير المغناطيسي، لأسعدهم دون ريب أن يسألوها عن مجموعة من المعلومات الخاصة بحالتها الباطنة، بدلاً من أن تتحول معلوماتهم آخر الأمر- كما هو الواقع- إلى فروض لا يبرهن عليها الحساب بشكل قاطع.
ومع ذلك فإن النبي (ذات) يمكن أن تحدثنا عن حالتها الداخلية، ويمكن أن تبرهن عليها: أولاً لاقتناعه وتحققه الشخصي، وثانياً من أجل ما يسمى بالاقتصاد الخارجي، أو السياسة الخارجية لرسالته.
فإذا حدث أن جاءت نبوة فيجب أولاً أن تعد سبباً يثير الاضطراب في ذات إنسانية، ويدفعها دفعاً لا سبيل إلى مقاومته نحو رسالة ما، لا تتضح دوافعها وأهدافها بوصفها حقائق محددة لهذه الذات.
ولهذا فإن معرفة النبي الظاهرة أساس لأية دراسة نقدية للموضوع، فيونس وأرمياء ومحمد عليه الصلاأة والسلاأم أفراد أرادوا أولاً أن يتملصوا طواعية من دعوة النبوة فقاوموا، ولكن دعوتهم استولت عليهم أخيراً، فمقاومتهم تدل على التعارض بين اختيارهم والحتمية التي تطوق إرادتهم، وتتسلط على ذواتهم، وفي هذه الدلائل قرينة قوية للنظرية الموضوعية عن الحركة النبوية.
***
اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 92