responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 79
الْمَذْهَبُ الْغَيْبِيُّ

من الضروري هنا أن نفرض مبدأ متميزاً عن المادة، فالله خالق ومدبر للكون، وسبب أول ينبثق عنه كل موجود، وهذا هو مبدأ المذهب الجديد. وسيتولى هذا المبدأ بيان أصل المادة، وقد وجدناه غامضاً موغلاً في الإبهام في المذهب السابق: فهي مخلوقة بواسطة حتمية مستقلة عن جميع خواصها.
وهذه الحتمية الغيبية (الميتافيزيقية) تسعفنا حين تعجز القوانين الطبيعية عن إعطاء تفسير واضح للظواهر. وبذلك ينتج عنها مذهب كامل متسق متجانس لا نقص فيه ولا تعارض، مما لزم المذهب المادي.

وفي الوقت الذي يعبر فيه المذهب الغيبي عن المطالب الفلسفية للعقل، الذي يرمي إلى ربط الأشياء والظواهر ربطاً منطقياً في تأليف متسق، نجده ينصب علاوة على ذلك جسراً يتجاوز حدود المادة إلى مثال أعلى للكمال الروحي، إلى الهدف الأساسي الذي لم تكف الحضارة عن الاتجاه نحوه، فحلق المادة هنا ينتج من الأمر القاهر لإرادة عليا، تقول لكل شيء حسب كلمة سفر التكوين: (كن).
وتطور هذه المادة سيكون طبقاً لأوامر إرادة، توزع التوازن والاتساق اللذين قد يلاحظ علم البشر قوانينهما الثابتة.
ولكن بعض مراحل هذا التطور ستخفى على الملاحظات المألوفة لرجال العلم، دون أن ينطوي المذهب من أجل هذا على نقص ما، ففي هذه الحالات الاستثنائية نستعين بالحتمية الغيبية التي لا تعارض بينها وبين طبيعة المبدأ.

اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست