اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 69
الظَّاهِرَةُ الدِّينِيَّةُ
كما أوغل المرء في الماضي التاريخي للإنسان، في الأحقاب الزاهرة لحضارته، أو في المراحل البدائية لتطوره الاجتماعي، وجد سطوراً من الفكرة الدينية.
ولقد أظهر علم الآثار دائماً- من بين الاطلال التي كشف عنها- بقايا آثار خصصها الإنسان القديم لشعائره الدينية، أياً كانت تلك الشعائر. ولقد سارت هندسة البناء من كهوف العبادة في العصر الحجري، إلى عهد المعابد الفخمة، جنباً إلى جنب مع الفكرة الدينية التي طبعت قوانين الإنسان بل علومه، فولدت الحضارات في ظل المعابد كمعبد سليمان أو الكعبة. من هنالك كانت تشرق هذه الحضارات لكي تنير العالم، وتزدهر في جامعاته ومعامله، بل لكي تجلي المناقشات السياسية في برلماناته. فقوانين الأمم الحديثة لاهوتية في أساسها، أما ما يطلقون عليه قانونهم المدني فإنه ديني في جوهره، ولا سيما في فرنسا فقد اشتق من الشريعة الإسلامية [1].
وعوائد الشعوب وتقاليدها تتشكل بصورة يمليها اهتمام ميتافيزيقي يدفع [1] في أثناء حملة نابليون على مصر تعرف على الشريعة الإسلامية، وهذا القول لا يحتاج إلى دليل، وهو ليس سوى تفصيل على هامش الفكرة التي نتفق فيها بصفة عامة مع علماء الاجتماع، ومع مؤرخي القانون. والقانون الروماني نفسه لا يشذ عن هذه القاعدة كما بينه الدكتور صوفي أبو طالب في كتابه (النظم الاجتماعية والقانونية [ص:128] وما بعدها) أما فيما يخص ملاحظتنا على قانون نابليون فإنا نحيل القارئ على كتاب (كريستيان شرفيس Christian Cherfils) الذي كتبه بعنوان (نابليون والإسلام).
اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 69