اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 189
الصورة الأدبية للقرآن
إن الجانب الأدبي للرسالة، ذلك الذي كان في نظر المفسرين التقليديين موضوع الدراسة الأول، يفقد بعض أهميته شيئاً فشيئاً في عصرنا الذي يهتم بالعلم أكثر من اهتمامه بالأدب [1].
وحقاً إن سيطرتنا القاصرة على عبقرية اللغة الجاهلية، لاتسمح لنا بأن نحكم- عن معرفة- على سمو الأسلوب في القرآن. ومع ذلك فإن هناك آية تستحق انتباهنا، وهي تمدنا في هذه النقطة بمعلومات تاريخية بالغة الأهمية. إذ أن القرآن يؤكد صراحة هذا السمو الذي يقصد به إعجاز العبقرية الأدبية في عصره، فهو يقذف في وجوه معاصريه بهذا التحدي المذهل:
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة 23/ 2]
ولم يذكر التاريخ أن أحداً قد أجاب على هذا التحدي، وبهذا يمكن أن نستخلص أنه قد ظل دون تعقيب، وأن إعجازه الأدبي قد أفحم فعلاً عبقرية ذلك العصر.
ولكن لدينا- فيما يخص بحثنا هذا- طرقاً أخرى لإصدار حكم، في هذا الجانب الخاص من المسألة.
فالنفس البدوية طروب في جوهرها، وجميع مطامحها وانفعالاتها واندفاعاتها إنما تتجلى في تعبير موسيقي موزون، هو بيت الشعر الذي سيكون مقياسه [1] ذكرنا أسباب ذلك في المدخل.
اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 189