اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 167
الفكرة المحمدية
مر رسول الله ذات يوم أمام بستان أنصاري في طرف المدينة، فأشار عليه الرسول بأن يستخدم طريقة معينة في تأبير النخل، ولكنه بعد ذلك وجد أن الأنصاري قد ترك الطريقة التي نصحه بها لأنها لم تحقق له أقصى ما يمكن من المصلحة، فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، معلناً على الفور أن التجربة الشخصية مقدمة على رأي الفرد، حتى ولو كان النبي [1].
فمن الناحية التاريخية تعد تلك النصيحة التي أبداها الرسول حديثاً، وهي [1] الصحيح في هذا الموقف هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقترح طريقة معينة في تأبير النخل، فقد ورد في صحيح مسلم ج 4 تحت عنوان (باب وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره - صلى الله عليه وسلم - من معايش الدنيا على سبيل الرأي): عن موسى بن طلحة عن أبيه قال مررت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوم على رؤوس النخل فقال: " ما يصنع هؤلاء؟ " فقالوا: يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى فتلقح، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما أظن يغني شيئاً". قال فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: " إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به فإني لن أكذب على الله عز وجل". وعن عائشة وعن ثابت وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بقوم يلقحون فقال: " لو لم يفعلوا لصلح" قال فخرج شيصاً [وهو رديء الثمر]، فمر بهم فقال: "ما لنخلكم" قالوا: قلت كذا وكذا. قال: " أنتم أعلم بأمر دنياكم".
فمن هذا يظهر أن النبي لم يقترح طريقة معينة في هذا الصدد، بل إنه - صلى الله عليه وسلم - قد شك في صلاح نتيجة عملهم، وقد كان في عرضه لرأيه يسوقه على سبيل الاحتمال دون إلزام. ولذلك عقب على النتيجة قائلاً في الأول (إني إنما ظننت ظناً) وفي الثاني (أنتم أعلم بأمر دنياكم) وقد ذكر المؤلف في الهامش تعليقاً أورد فيه أن (قصة البستاني مروية بطريقتين مختلفتين إحداهما عن سفيان بن العاص والأخرى عن أنس) ولم أجد فيما وصلت إليه يدي من المراجع ذكر لصحابي يدعى سفيان بن العاص.
اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 167