اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 132
هذه الفجيعة المزدوجة مسته وأثرت عليه في أعمق مشاعر الإنسان، وأصابته بالقدر نفسه في مصلحة دعوته، فقد فقَد بفقده عمه وزوجه العضد الأدبي والمادي الذي كان يؤيده في مكة، وفضلاً عن ذلك فإن إقامته ستصبح في الحال مستحيلة، فإن قريشا ًالتي كانت مهابة أبي طالب تفزعها قد انطلقت الآن من عقالها، ورأت أن الوقت قد حان لتدبر مقتل النبي لإنقاذ مصالحها السياسية، وامتيازاتها التجارية بين القبائل العربية [1].
لقد حيكت مؤامرة، تشترك فيها القبائل جميعاً، حتى لا يقع دم الضحية على عاتق قبيلة بعينها.
المرحلة المدنية
بينما كانت مكة تتآمر ضد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كانت المدينة على العكس من ذلك تهيئ له استقبالاً حماسياً حافلاً.
وكانت بيعة العقبة- ميثاق النبي مع رجال المدينة الملقبين منذ ذلك الحين بالأنصار- وهمةُ النقيب مصعب بن عمير، الذي عرف كيف يكسب للإسلام كثيراً من عواطف يثرب، كان هذان العاملان هما اللذان مهدا للهجرة.
وفي إحدى الليالي، بينما كان المتآمرون يحيطون ببيت النبي، خرج تحت أعين أعدائه، دون أن يروه- كما جاء في الخبر- ولقد نجح في الوصول إلى ضواحي مكة برفقة صاحبه أبي بكر، فلجأ إلى (غار ثور)، حيث كان على الدليل الذي اتفقا معه أن يلحق بهما مع نوقه حاملاً المؤونة في يومين أو ثلاثة لتضليل المطاردين، ولكن الرجفة كانت قد أخذت مكة ساعة رحيل المهاجرين، فقامت قريش على آثارهما. [1] يذهب بعض ذوي الرأي إلى أن دافع المؤامرة كان أعم من هذا، إذ كان في جوهره دفاعاً عن عقيدتهم التي سفهها الدين الجديد. (المترجم)
اسم الکتاب : الظاهرة القرآنية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 132