اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 183
التفسير بالرأى وما يتعلق به من مباحث
*معنى التفسير بالرأى:
يُطلق الرأى على الاعتقاد، وعلى الاجتهاد، وعلى القياس، ومنه: أصحاب الرأى: أى أصحاب القياس.
والمراد بالرأى هنا "الاجتهاد" وعليه فالتفسير بالرأى، عبارة عن تفسير القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسِّر لكلام العرب ومناحيهم فى القول، ومعرفته للألفاظ العربية ووجوه دلالاتها، واستعانته فى ذلك بالشعر الجاهلى ووقوفه على أسباب النزول، ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آيات القرآن، وغير ذلك من الأدوات التى يحتاج إليها المفسِّر، وسنذكرها قريباً إن شاء الله تعالى.
* موقف العلماء من التفسير بالرأى:
اختلف العلماء من قديم الزمان فى جواز تفسير القرآن بالرأى، ووقف المفسِّرون بإزاء هذا الموضوع موقفين متعارضين:
فقوم تشدَّدوا فى ذلك فلم يجرءوا على تفسير شئ من القرآن، ولم يبيحوه لغيرهم، وقالوا: لا يجوز لأحد تفسير شئ من القرآن وإن كان عالماً أديباً متسعاً فى معرفة الأدلة، والفقه، والنحو، والأخبار، والآثار، وإنما له أن ينتهى إلى ما روى النبى صلى الله عليه وسلم، وعن الذين شهدوا التنزيل من الصحابة رضى الله عنهم، أو عن الذين أخذوا عنهم من التابعين.
وقوم كان موقفهم على العكس من ذلك، فلم يروا بأساً من أن يفسِّروا القرآن باجتهادهم، ورأوا أن مَنْ كان ذا أدب وسيع فموسَّع له أن يُفسِّر القرآن برأيه واجتهاده.
والفريقان على طرفى نقيض فيما يبدو، وكل يُعَزِّز رأيه ويُقَوِّيه بالأدلة والبراهين. أما الفريق الأول - فريق المانعين - قد استدَّلوا بما يأتى:
أولاً - قالوا: إن التفسير بالرأى قول على الله بغير علم، والقول على الله بغير علم منهى عنه فالتفسير بالرأى منهى عنه، دليل الصغرى: أن المفسِّر بالرأى ليس على يقين بأنه أصاب ما أراد الله تعالى، ولا يمكنه أن يقطع بما يقول، وغاية الأمر أنه يقول بالظن، والقول بالظن قول على الله بغير علم.
اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 183