responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 114
نجد آثاره واضحة فى كتب التفسير على اختلافها، فما من كتاب منها إلا وقد وجدنا آثار شخصية صاحبه وقد طبعت تفسيره بطابع خاص لا يعسر علينا إدراكه.
غير أن هذا الطابع الشخصى الذى يُطبع به التفسير، إن ظهر لنا جلياً واضحاً فى كتب التفسير بالرأى، فإنَّا لا نكاد نجده لأول وهلة على هذا النحو من الوضوح والجلاء بالنسبة لكتب التفسير بالمأثور، ولكن نستطيع أن نتبينه إذا ما قدَّرنا أن المتصدى لهذا التفسير النقلى إنما يجمع حول الآية من المرويات ما يشعر أنها متجهة إليه، متعلقة به، فيقصد إلى ما يتبادر لذهنه من معناها، ثم تدفعه الفكرة العامة فيها إلى أن يصل بين الآية وما يروى حولها فى اطمئنان، وبهذا الاطمئنان، يتأثر نفسياً وعقلياً، حينما يقبل مروياً ويعنى به، أو يرفض مروياً حين لا يرتاح إليه.
وكذلك راج بين المتقدمين - كما لاحظه ابن خلدون فى مقدمته - ما هم فى شوق إليه وتعلق به، من أسباب المكونات، وبدء الخليقة، وأسرار الوجود، وتفصيل الأحداث الكبرى فى تاريخ الإنسانية الأولى، نظراً لبداوتهم وأُميِّتهم، وقلَّة المتداول بينهم منه، فكان من وراء ذلك كثرة الإسرائيليات، وليس من شك فى أن هذا صورة عقلية، وطابع شخصى لهذا العصر الأول، كما أنه صورة عقلية، وطابع شخصى لكل مَن يقبل هذه الإسرائيليات، ويُفسِّر بعض آيات القرآن على ضوئها.
ثم إننا بعد هذا نلحظ لوناً شخصياً آخر فى التفسير النقلى، ذلك أن الشخص الذى يعرف قيمة الرجال، ويستطيع أن ينقد السند، ويعرف أسباب الضعف فى الرواية، نرى تفسيره يُطبع بهذا الطابع الشخصى الخاص، فيتحرى الصحة فيما يرويه، فلا يدخل فى كتابه مروياً اعتراه الضعف أو تطرق إليه الخلل. أما الشخص الذى لا دراية له بأسباب الضعف فى الرواية، وليس عنده القدرة على نقد الرجال ونقد المروى عنهم فحاطب ليل، يجمع كل ما يُنقل له فى ذلك بدون أن يُفرِّق بين الصحيح وغيره.
وبعد ... أفلا ترى أنه حتى فى رواج التفسير النقلى وتداوله تكون شخصية المتعرض للتفسير هى الملوِّنة له، المروِّجة لصنف منه، أظن أن نعم.
* *
* الضعف فى رواية التفسير المأثور وأسبابه:
علمنا مما تقدَّم أن التفسير المأثور يشمل ما كان تفسيراً للقرآن بالقرآن، وما كان تفسيراً للقرآن بالسُّنَّة، وما كان تفسيراً للقرآن بالموقوف على الصحابة أو المروى عن التابعين. أما تفسير القرآن بالقرآن. أو بما ثبت من السُّنَّة الصحيحة، فذلك مما لا خلاف فى قبوله، لأنه لا يتطرق إليه الضعف. ولا يجد الشك إليه سبيلاً.

اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست