اسم الکتاب : التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 274
فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 27-28] ، وقد أقر القرآن الكريم هذه المعاملات والعقود، سواء أكانت مادية في مظهرها الخارجي، أو كانت روحية في جوهرها الحقيقي، وجمعها القرآن في أربعة أعمال مهنية كبيرة، وهي: الزراعة، والرعي، والصيد، والصناعة، والتجارة.
التصوير القرآني للأعمال الحرفية 1:
التصوير القرآني لحرفة الزراعة:
القرآن الكريم حينما يصور مهنة الزراعة، يعطي اهتمامًا بالغًا أكثر من غيرها من التجارة والصناعة والرعي والصيد، لأن الزراعة هي المصدر الأول لمواد الغذاء عند الإنسان والحيوان على السواء، بل قد تكون مصدرًا كبيرًا من مصادر الصناعة الحديثة في المواد الغذائية؛ ولأنها أيضًا عمل مبارك كثير الخير والنماء، إذا أفاضت الأرض والسماء بخيراتهما، ولأن من أبرز خصائصها التوكل على الله من يوم أن توضع البذرة في الأرض، حتى يصل حصادها إلى أيدي الناس لتكون غذاء شهيًّا، يعين على طاعة الله عز وجل، لذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فتأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة" "رواه مسلم"، ويصور القرآن الكريم الزراعة ليقيم من خلالها منهجًا تشريعيًّا أخلاقيًّا، يحدد فيها القيم الإنسانية النبيلة، التي
1 مجلة الفيصل بالمملكة العربية السعودية، العدد 76 شوال 1403هـ -أغسطس 1983م، السنة السابعة، ص48 وما بعدها.
اسم الکتاب : التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 274