اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 71
التخييل الحسي والتجسيم:
حينما نقول: إن التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن، والقاعدة الأولى فيه للبيان؛ لا نكون قد انتهينا من الحديث عن هذه الظاهرة الشاملة. فإن وراء وراء ذلك بقية تستحق أن نفرد لها هذا الفصل الخاص.
فعلى أية قاعدة يقوم هذا التصوير؟
لقد ألمعنا إلى شيء من ذلك في مفتتح الفصل السابق، حينما قلنا: "إنه يعبر بالصورة المحسة المتخيلة عن المعنى الذهني والحالة النفسية، وعن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية، كما يعبر بها عن الحادث المحسوس، والمشهد المنظور؛ ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها، فيمنحها الحية الشاخصة، أو الحركة المتجددة؛ فإذا المعنى الذهني هيئة أو حركة، وإذا الحالة النفسية لوحة أو مشهد، وإذا النموذج الإنساني شاخص حي. فأما الحوادث والمشاهد، والقصص والمناظر، فيردها شاخصة حاضرة، فيها الحياة، وفيها الحركة، فإذا أضاف إليها الحوار، فقد استوت لها كل عناصر التخييل".
وكل ما تقدم من الأمثلة في الفصل السابق يصلح برهانًا على هذه الظاهرة، وإن تكن سياقته في ذلك الفصل كانت سريعة لمجرد البرهنة على أن التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن.
ولكننا في هذا الفصل لا نكتفي بالإحالة على تلك الأمثلة، فالقرآن
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 71