responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 229
فلندع الذهن يدبر أمر الحياة اليومية الواقعة، أو يتناول من المسائل ما هو بسبب من هذه الحياة. فأما العقيدة، فهي في أفقها العالي هناك، لا يرقى إليه إلا من يسلك سبيل البداهة، ويهتدي بهدي البصيرة، ويفتح حسه وقلبه، لتلقي الأصداء والأضواء.
ولقد آمن بالبداهة والبصيرة -وما زال يؤمن- العدد الأكبر من المؤمنين بكل دين وعقيدة في الوجود؛ ولقد ظل علماء الكلام في الإسلام قرونًا كثيرة، يبدئون ويعيدون في الجدل الذهني حول مباحث التوحيد، فلم يبلغوا بذلك شيئًا مما بلغه المنطق القرآني في بضع سنين. فلننظر الآن في هذا المنطق البديهي الميسور.
لقد عمد القرآن دائمًا إلى لمس البداهة، وإيقاظ الإحساس، لينفذ منهما مباشرة إلى البصيرة، ويتخطاهما إلى الوجدان. وكانت مادته هي المشاهد المحسوسة، والحوادث المنظورة، أو المشاهد المشخصة، والمصائر المصورة. كما كانت مادته هي الحقائق البديهية الخالدة، التي تتفتح لها البصيرة المستنيرة، وتدركها الفطرة المستقيمة.
أما طريقته فكانت هي الطريقة العامة: طريقة التصوير والتشخيص، بالتخييل والتجسيم. على النحو الذي فصلناه في الفصول الماضية جميعًا. "ونحن نستخدم هنا كلمة التجسيم بمعناها الفني لا بمعناها لا بمعناها الديني بطبيعة الحال. إذ الإسلام هو دين التجريد والتنزيه".
كان هذا هو المنطق الوجداني الذي جادل به القرآن وناضل، وكسب المعركة في النهاية.

اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 229
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست