اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 203
فلندعه سنوات أخرى.
لقد ذهب قومه في التيه ونحسبه قد صار كهلًا حينما افترق عنهم، ولقي الرجل الذي طلب إليه أن يصحبه ليعلمه مما آتاه الله علمًا.
ونحن نعلم أنه لم يستطع أن يصبر حتى ينبئه بسر ما يصنع مرة ومرة ومرة، فافترقا ... !
تلك شخصية موحدة بارزة، ونموذج إنساني واضح في كل مرحلة من مراحل القصة جميعًا.
2- تقابل شخصية موسى شخصية إبراهيم. إنه نموذج الهدوء، والتسامح والحلم: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيب} .
فها هو ذا في صباه يخلو إلى تأملاته، يبحث عن إلهه: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ، فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} .
وما يكاد يصل إلى هذا اليقين، حتى يحاول في بر وود أن يهدي إليه أباه، في أحب لفظ وأحياه.
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 203