responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 14
ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ، فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} .
سحر يؤثر، يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه. تلك قولة رجل يتقاعس عن الإسلام، ويتكبر أن يسلم لمحمد، ويعتز بنسبه وماله وولده. وليست قولة رجل آمن، فهو يعلل إيمانه بهذا السحر الذي لا يغالب! وإنها لأدل على "سحر القرآن" للعرب، من كل كلام يقوله المؤمنون؛ لأنها لا تقال ولدى قائلها حيلة للسكوت عنها، أو مفر من الاعتراف بها!
ومن هنا تلتقي قصة الكفر بقصة الإيمان، في الإقرار بسحر هذا القرآن؛ وتلتقي على الإقرار به شخصيتان قويتان، بينهما من المدى في الاختلاف ما بين عمر بن الخطاب والوليد بن المغيرة. فتشرح التقوى صدر عمر للإسلام، وتصد الكبرياء الوليد عن الإذعان؛ ويذهبان في طريقيهما متدابرين، بعد أن يلتقيا في نقطة واحدة: نقطة الإقرار بسحر القرآن.
ولا يقل عن هاتين القصتين في الدلالة على هذا السحر ما حكاه القرآن عن قول بعض الكفار: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} . فإن هذا ليدل على الذعر الذي كان يضطرب في نفوسهم، من تأثير هذا القرآن فيهم وفي أتباعهم، وهم يرون هؤلاء الأتباع يسحرون بين عشية وضحاها من تأثير الآية والآيتين، والسورة والسورتين، يتلوهما محمد أو أحد أتباعه السابقين، فتنقاد إليهم النفوس، وتهوي إليهم الأفئدة، ويهرع إليهم المتقون.

اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست