responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 124
ففي السماء "بروج" ضخمة وشهب تنقض على المردة. وفي الأرض الممدودة رواس راسخة، ونبت "موزون" "لا" بهيج" لطيف! " وفي الأرض كذلك "معايش" بهذا الجمع والتكثير، وفيها من لا يرزقه الناس، بهذا التهويل والإضمار ... وكلها مشاهد وحدتها الضخامة الحسية أو المعنوية.
3- وقد تتسع الرقعة ويتطاول المدى، وتعرض اللمسات. ولكنها تدق في النهاية حتى تتناول الجزئيات:
مثال ذلك:
{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .
فهذه رقعة فسيحة في الزمان والمكان؛ وفي الحاضر والواقع، والمستقبل المنظور والغيب السحيق؛ وفي خواطر النفس ووثبات الخيال: ما بين الساعة البعيدة المدى، والغيث البعيد المصدر، وما في الأرحام الخافي بلفظه وحقيقته عن العيان، والرزق في الغد وهو قريب في الزمان مغيب في المجهول، وموضع الموت والدفن وهو مبعد في الظنون.
إنها رقعة فسيحة الآماد والأرجاء. ولكن اللمسات العريضة بعد أن تتناولها من أقطارها، تدق في أطرافها، وتجمع هذه الأطراف كلها عند نقطة الغيب المجهول، وتقف بها جميعها أمام كوة صغيرة مغلقة، لو انفتح منها سم الخياط، لاستوى القريب خلفها بالبعيد، ولانكشف القاصي منها والداني.

اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست