اسم الکتاب : البرهان فى تناسب سور القرآن المؤلف : ابن الزبير الغرناطي الجزء : 1 صفحة : 273
سورة الروم
لما عنَّف سبحانه أهل مكة ونعى عليهم قبح صنيعهم في، التغافل عن
الاعتبار بحالهم وكونهم مع قلة عددهم قد منع الله بلدهم عن قاصد نهبه، وكف أيدي العتاة والمتمردين عنهم مع تعاور أيدي المنتهبين من حولهم، وتكرُّر ذلك واطراده صونا منه لحرمه وبيته فقال تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ"
أي أولم يكفهم هذا في الاعتبار ويتبينوا أن ذلك ليس عن قوة منهم ولا حسن دفاع، وإنما هو بصون الله إياهم بمجاورة بيته
وملازمة أمنه مع أنهم أقل العرب، أفلا يرون هذه النعمة ويقابلونها بالشكر
والاستجابة قبل أن يحل بهم نقمه ويسلبهم نعمه، فلما قدم تذكارهم بهذا
أعقبه بذكر طائفة هم أكثر منهم وأشد قوة وأوسع بلادا وقد أيد غيرهم ولم
يغن عنهم انتشارهم وكثرتهم فقال: "الم غلبت الروم في أدنى الأرض ... الآيات "
فذكر تعالى (غلبة) غيرهم لهم، وأنهم ستكون لهم كرة ثم يغلبون، وما ذلك إلا بنصر الله من شاء من عبيده ينصر من يشاء فلو كشف عن أبصار
من كان بمكة من الكفار لرأوا أن اعتصام بلادهم وسلامة ذرياتهم وأولادهم مما
اسم الکتاب : البرهان فى تناسب سور القرآن المؤلف : ابن الزبير الغرناطي الجزء : 1 صفحة : 273