اسم الکتاب : البرهان فى تناسب سور القرآن المؤلف : ابن الزبير الغرناطي الجزء : 1 صفحة : 237
ولما كان الهدى والضلال كل ذلك موقوف على مشيئة الله سبحانه وسابق إرادته، وقد قال لنبيه عليه السلام: "إنما أنت منذر ولكل قوم هاد"
قال تعالى هنا "بإذن ربهم " "فإنما عليك البلاغ " وكما قال تعالى: "وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"، ثم بسطها في سورة الرعد، أعلم هنا أن ذلك كله له وملكه فقال: "الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض "
فالسماوات والأرض بجملتهما وما فيهما وما بينهما من عظيم ما أوضح لكم
الاعتبار به، كل ذلك له ملكا وخلقا واختراعا "وله أسلم من في السماوات
والأرض طوعا وكرها" "وويل للكافرين من عذاب شديد"
لعنادهم مع وضوح الأمر وبيانه، ويصدون عن سبيل الله مع وضوح
السبيل وانتهاج ذلك بالدليل ثم قال تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا
بلسان قومه " وكان هذا من تمام قوله سبحانه "ولقد أرسلنا رسلا من
قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية"
وذلك أن الكفار لما حملهم الحسد والعناد وبعد إِلفهم بما جبل على قلوبهم وطبع عليها على أن أنكروا كون الرسل من البشر حتى قالوا: "أبشر يهدوننا" "ما أنتم إلا بشر مثلنا" وحتى قالت قريش: " لولا أنزل عليه ملك " و "مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ
"وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ"
فلما كثر هذا منهم وتبع خلفُهم في هذا سلفَهم رد تعالى أزعامهم وأبطل توهمهم في آيات وردت على التدريج في هذا الغرض شيئا
اسم الکتاب : البرهان فى تناسب سور القرآن المؤلف : ابن الزبير الغرناطي الجزء : 1 صفحة : 237