المراد، وتقديم الموعظة، بأسلوب مقايسة النظير بنظيره، والشيء بمثاله، لذلك كان أكثر أمثال القرآن الكريم من هذين النوعين.
كما تبين أن إشادة القرآن الكريم بأمثاله استنبطت من عدة مواضع، منها: الإشارة إليها بـ"تلك" التي تدل على عظم شأنها وبالغ أثرها. ومنها: الإشارة إلى أنها ضربت للناس، مما يدل على حاجتهم إليها وكونها من الطرق الموضحة للعلوم والمبينة للحجج، الهادية إلى الحق.
ومنها: وصفها بأنها {وَمَا يَعقِلهَا إِلا العَالمونَ} لكونها تضرب للأمور الكبار والمطالب العالية، والمسائل الجليلة. ومنها: تعليل ضربها برجاء تفكر الناس فيها وتدبرهم لها واعتبارهم بها، مما يدل على خاصيتها في تسهيل ذلك عليهم وتقريبه لهم. وتبين أن السر في هذه الأهمية البالغة هو في كونها من موازين الحق التي أنزلها اللَّه في كتابه ونبه بها عقول عباده إلى الأقيسة الصحيحة المتضمنة للتسوية بين المتماثلات في الأَحكام والأوصاف والتفريق بين المختلفات، وذلك عن طريق الصيغ التي جاءت بها الأمثال القرآنية من صيغ قياس الشمول، أو صيغ قياس التمثيل، أو قياس الأولى.
وهي بذلك كله من تمام حجة الله على خلقه، حيث ضرب الله الأمثال لجميع الأمم السابقة، وفصلها في خاتم كتبه القرآن الكريم، وضربها النبي صلى الله عليه سلم لأمته، فكمل بذلك البيان، واستنار الطريق، وتمت حجة الله على عباده. والله أعلم.