responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن المؤلف : محمود توفيق محمد سعد    الجزء : 1  صفحة : 280
وقوله " لتذهب النفس في تعينه كلّ مذهب " فيه دلالة على أنَّ اتساع المدلول وتنوعَه قد لايكون البيان عنه بكلمة ينطق بها اللسان بل قد تكون بالعدول عن موقع للكلمة إلى موقع آخر، وكأنَّ تخلى الكلمة عن موضعها الذي هو لها إنّما هو لأمر جليل عجزت عن الوفاء بحقه ضروب من الإبانة الناطقة بكلمة، فانْتُدِبَ للوفاء بحقه العدولُ عن مواقع الكلمات، وفي هذا تأديب للأمة أن على كلّ ذي موقع يرى أنَّ في التأخر عنه أو التقدم عليه ما يمنح هذه الأمة فيضًا من النعمة فإنَّ من الأدب العَليّ الأخذَ به نزولاً على مقتضى حالها، فكم من مقدّم في وضع الحياة تقضي بعض الأحوال تأخُّره وتقديم من هو دونه في مرتبة وضعه، فالاعتداد بما تقضي به الأحوال.
***
ومما كان العدول فيه ماجد العطاء قول الحق - عز وجل -:
{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً} (الأحزاب:26)
ما يحيط بالآيات يرسم الهول والفزع والتنكيل الذي أصاب اليهود المظاهرين للأحزاب، والبيان عن بني قريظة بالموصول وصلته (الذين ظاهروهم) لايخفى عطاؤه، وإبرازه الاشتهار بالصلة ومطابقة الجزاء لجريرتهم، فكان إنزالهم من معاقلهم آية الجزاء على هذه الخيانة، ومجرد البداية بهذا في سياق الهول والتنكيل يفهم منه أنّه إنزال إهانة، ولكن " البقاعي" يرى أنَّه " لمَّا كان الإنزال من محل التمنع عجبًا وكان على وجوه شتى، فلم يكن صريحا في الإذلال، فتشوقت النفس إلى بيان حاله بين أنّه الذّل، فقال عاطفا بـ"الواو" ليصلح لما قبل ولما بعد {وقذف في قلوبهم الرعب} ... " (1)
وهو يوجه العطف بـ" الواو " بأنه كان ليصلح قوله {قذف في قلوبهم الرعب} أن يشير إلى رُعْبَينِ:
الرُّعبُ الذي أنزلهم من صياصيهم

(1) - نظم الدرر: نظم الدرر:15 /333
اسم الکتاب : الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن المؤلف : محمود توفيق محمد سعد    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست