اسم الکتاب : الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق المؤلف : بنت الشاطئ، عائشة الجزء : 1 صفحة : 262
وسلم - السجع مطلقاً لقال "أسجعاً؟ " ثم سكت.. فلما قال: "أسجعاً كسجع الكهان" صار المهنى معلقاً على أمر وهو إنكار الفعل لم كان على هذا الوجه. فعُلم أنه إنما ذم من السجع ما كان مثل سجع الكهان لا غير، وأنه لم يذم السجع على الإطلاق، وقد ورد في القرآن الكريم. وهو، - صلى الله عليه وسلم -، قد نطق به في كثير من كلامه حتى إنه غيَّر الكلمة عن وجهها إتباعاً لها بأخواتها من أجل السجع، فقال لابن بنته عليهما السلام: "أعيذه من الهامة والسامَّة، وكل عين لأمة".
وإنما أراد "ملمة" لأن الأصل فيها من: أَلَّم فهو مُلِمّ. وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "ارجعن مأزورات غير مأجورات" وإنما أراد: موزورات من الوز، فقال: مأزورات، لمكان "مأجورات" طلباً للتوازن والسجع. وهذا مما يدلك على فضيلة السجع.
"على أن هذا الحديث النبوي الذي يتضمن إنكار سجع الكهان، عندي فيه نظر، فإن الوهم يسبق إلى إنكاره، يقال: فما سجع الكهان الذي يتعلق الإنكار به ونهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
والجواب عن ذلك: أن النهي لم يكن عن السجع نفسه وإنما النهي عن حكم الكاهن الوارد باللفظ المسجوع. ألا ترى لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دية الجنين بِغرّة: عبد أو أمَة، قال الرجل: أأّدِى من لا شرب ولا أكل، ولا نطق فاستهل، ومثل ذلك يُطَلّ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسجعاً كسجع الكهان"؟
"فالسجع إذن ليس بمنهي عنه، وإنما المنهي عنه هو الحكم المتبوع في قول
اسم الکتاب : الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق المؤلف : بنت الشاطئ، عائشة الجزء : 1 صفحة : 262