وتنزل السورة على محمد -صلى الله عليه وسلم- فنعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم، ولقد رأينا اليوم رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما أمره، ولا زجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه".
فهذا الحديث يدل على أنهم -رضوان الله عليهم- كانوا يتعلمون الوقف، ويعتبرون ذلك من تمام تعلمهم للقرآن.
وعن علي -كرم الله وجهه- في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} قال: "الترتيل": تجويد الحروف ومعرفة الوقف.
فعلى معرفة الوقف والابتداء وضوح المعنى؛ وبذلك يقف الإنسان على شيء من وجوه إعجاز القرآن.
ومن هنا يجب ألا يُوقف على كلمة مرتبطة بما بعدها أو ما قبلها؛ لأن ذلك مخل باستقامة المعنى، ويروى النهي عن الوقف على قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} ويجب الوصل بقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ} حتى لا يتجزأ المعنى.
وقد اصطلح العلماء[1] على تقسيم الوقف إلى:
أ- تام: وهو ما لا صلة له بغيره من حيث المعنى.
ب- حسن: وهو الوقف عند معنى مفيد ولكن لم يتم؛ كالوقف على {الْحَمْدُ لِلَّهِ} والابتداء بـ {رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
جـ- وقبيح: وهو الوقف قبل استعمال المعنى؛ كالوقف قبل الاستثناء.
واعلم أنه بسبب عدم معرفة الوقف والابتداء قد انتشر الجهل إلى حد يفسد المعنى.. وذلك لأن الوقف قبل تمام المعنى مفسد، وكذلك وصل ما يجب الوقف عليه مفسد أيضًا.. وإليك بعض النماذج: [1] هذه الاصطلاحات لعلماء التجويد على ما هو معروف في كتب التجويد؛ مثل: الجزرية، وتحفة الأطفال؛ لكن ذكرها المؤلف هنا تبعًا للسيوطي في الإتقان.