وأحسن مَن تكلم في القراءات إمام القراء: أبو الخير بن الجزري، فقال: كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا، وصح سندها[1] إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها، ولا يحل إنكارها، ويجب قبولها، سواء نقلت عن الأئمة السبعة أو غيرهم. اهـ بتصرف.
فمتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة؛ كانت ضعيفة، أو شاذة، أو باطلة.. لأن الاعتماد على تحقق هذه الأركان لا على مَن تنسب إليه القراءات.
والمراد بموافقة العربية ولو بوجه أن تكون القراءة سائغة في النحو؛ نحو قوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} فيمكن حمل "المقيمين" على أنه منصوب بفعل تقديره: أمدح..
والمراد بموافقة الرسم العثماني ولو احتمالًا كقراءة: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بالألف، فإنها موافقة للرسم العثماني بغير ألف؛ لأن من عادتهم حذفها اختصارًا.
والمراد بصحة السند: اتصاله، وعدالة الرواة وضبطهم، وخلوه من الشذوذ والعلة، ويشترط أن تكون متواترة في الجملة.
فكل قراءة توافرت فيها أركانها الثلاثة منكرها كافر.
وأما ما صح نقله عن الآحاد ووافق العربية؛ لكن خالف الرسم العثماني، فيقبل ولا يقرأ به، ويحتج به على أنه رواية كقراءة عبد الله بن مسعود في كفارة اليمين: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات".
وأما ما نقله الثقة ولا حجة له في العربية، أو نقله غير الثقة وله حجة [1] القاعدة: أن كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا، وكانت متواترة، فشرط القرآن التواتر لا صحة السند كما يقول ابن الجزري. والقاعدة: أن القرآن يوجب العقل تواتره؛ لأن الدواعي تتوافر على نقل الشيء، إما لقرابته أو لفرط أهميته، وهذه القاعدة قد أخذتها مشافهة من أستاذي العلامة الشيخ عبد العال عطوه الأستاذ بكلية الشريعة والقانون، وذلك أثناء دراستي عليه الفقه والأصول دراسة خاصة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.