بدا لبعض الناشئة اختلاف قليل، فبالتأمل يزول هذا الاختلاف؛ لأن القرآن يصدق بعضه بعضًا.
وقد توهم بعض الناس وجود التعارض في نحو قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} وقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} .
والحق أنه لا تعارض، فلا أظلم في باب المنع ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ولا أحد أظلم في باب الكذب ممن كذب على الله.
وكذا قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} .
فظاهر هذه الآية أن المانع لهم عن الإيمان قولهم: {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} . وهذا مانع مجازي.
والمانع الحقيقي عدم إرادة الله لهم الهداية، وهذا هو المشار إليه بقوله: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا} .
وظاهر هذا أنهم علقوا إيمانهم على نزول العذاب بهم، أو نزول ما كان ينزل على الأولين من خسف ومسخ. ولم يحقق الله لهم ما صلبوه؛ لأنه لم يرده. وبالتالي لم يرد هدايتم؛ لأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
وبهذا ينتهي هذا الموضوع.