وفي سورة لقمان ذكر الرحمة والمناسب لها الإحسان.
ومن ذلك قوله في سورة البقرة: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} .
وفي سورة الأعراف: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا} .
فالفوارق في الموضعين: "قلنا" و"الواو" و"رغدا".
هذا في البقرة.. لأنها مسبوقة بقول الله: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} وقوله للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ} .
والسكنى في البقرة مراد بها الإقامة، فناسبها الواو الدالة على الامتنان؛ ولذا قال: {رَغَدًا} .
أما في الأعراف، فلم يتقدم قول سابق. والسكنى فيها اتخاذ المسكن، والمناسب لها الفاء؛ لأن الأكل مرتب على اتخاذ المسكن.
ومن ذلك قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} وذلك في النفس الشافعة.
أما في النفس المشفوع لها فقال: {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} .
ومن ذلك قوله لبني إسرائيل في سورة البقرة: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} .. وفي سورة إبراهيم: {وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} .. لأن المتكلم في البقرة الله، فلم يعدد البلاء الذي نزل بهم. والمتكلم في إبراهيم هو موسى؛ ولذا عدَّد وعطف بالواو.
ومن ذلك قوله في سورة البقرة لبني إسرائيل: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} .. وقوله في الأعراف: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} .. وبين القصتين اختلاف في الألفاظ اقتضاها المقام.. ففي البقرة امتنان.. وفي الأعراف توبيخ.