الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} .
فالاطلاع على سير الكواكب يعرفه العلماء، وفَهْم الجنين وأطواره أدق من سابقه ولذا يخص الفقهاء؛ إذ الفقه أخص من العلم، فالعلم هو الفَهْم، والفقه فَهْم المراد.
وانظر إلى تهمتين وجهتا إلى القرآن: أنه شعر، وأنه سجع.. ومخالفته للشعر ظاهرة.. ومخالفته للسجع تحتاج إلى تأمل. فمن أثبت الأولى كفر. ومن أثبت السجع كان غافلًا، قال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ، وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} .
ومن بديع القرآن أن ينوع في القضية الواحدة؛ نظرًا لمراعاة وصف كل من الطرفين، قال تعالى في سورة إبراهيم: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} .
وفي سورة النحل قال: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} .
قابل ظلم الإنسان بالمغفرة منه سبحانه. وقابل الكفران بالرحمة.
ونظيره قوله في كل من سورتي فصلت والجاثية: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ؛ لكن المقام في فصلت بيان العدل؛ ولذا ختمها بقوله: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} .
والمقام في سورة الجاثية إنكار للبعث؛ ولذا ختم هناك بقوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} .
ونظيره أيضًا قوله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} ، والكلام