تكون مفعولًا به، وأن تكون حالًا.. ولا يُعرف الموقع الإعرابي إلا بعد تحديد المراد منها وفهم معناها.
وقوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى، فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} .. إن أريد بالأحوى: الأسود من الجفاف واليبس.. فهو صفة لغثاء.
وإن أريد به شدة الخضرة.. فهو حال من المرعَى.
وقد زلَّت أقدام كثير من المعربين راعوا في الإعراب ظاهر اللفظ ولم ينظروا في موجب المعنى؛ من ذلك قوله تعالى عن قوم شعيب قولهم له: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} .
فإنه يتبادر إلى الذهن عطف "أن نفعل" على "أن نترك"، وذلك باطل؛ لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاءون.
وإنما هو عطف على "ما"، فهو معمول للترك، والمعنى: أن نترك أن نفعل..
وعلى الكاشف عن أسرار الكتاب، والغائص في دقائقه أن يراعي ما تقتضيه الصناعة، فربما راعَى المعرِب وجهًا صحيحًا ولا نظر في صحته في الصناعة فأخطأ.
من ذلك إعراب بعضهم "ثمود" مفعولًا مقدمًا في قوله {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} .. وتقديم المفعول على الفعل سائغ، إلا أنه هنا ممتنع؛ لأن ما بعد "ما" النافية لا يعمل فيما قبلها.
والصواب: أنه معطوف على "عاد"، أو هو مفعول لـ"أهلك"؛ إذ الآيات: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} ..