الموضوع العاشر: الاستنباط 1
كنت أريد أن أكتب في هذا الموضوع الأخير عن الشبهات وردها. وبعد الاطلاع عليها رأيت في ذكرها إعظامًا لها مع أنها تافهة؛ إما غير ثابتة، وإما أنها ضعيفة يستطيع مَن له أي إلمام بالإسلام أن يردها. ومن بين طلابي الذين أشرفت على رسائلهم طالب كتب رسالة بعنوان "القرآن والمستشرقون".
وقد سرد في رسالته الشبهات التى أثيرت حول علوم القرآن وردَّ عليها، ولا داعي لتَكْرَارها.
والقرآن الكريم مائدة الله في أرضه حام حوله طلاب الحق، فما اختلفوا فيه إلا بمقدار ما تختلف الآراء في الموضوع الواحد ذي الجوانب المتعددة، كل ناظر يلحظ جانبًا غير الجانب الذي يلحظه غيره؛ بل وحتى طلاب الباطل حاموا حوله ليجدوا فيه ما يؤيد دعواهم ويثبت مزاعمهم. فلما لم يجدوا فيه مدخلًا لتأييد الباطل تلاعبوا بألفاظه وفسروها على أهوائهم فضلوا وأضلوا.
وأشير في هذا الموضوع إلى أهم قواعد الاستنباط، والأسس التي تشعبت منها آراء طلاب الحق من فقهاء ومتكلمين ومفسرين ومتصوفين وغيرهم من مفكري الإسلام.
والاجتهاد[2] الذي أباحه الإسلام هو المنطق لاستنباط المستنبطين، ولولاه ما كان لأحد أن يُعمل فكره، قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} وقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ
1 الاستنباط محاولة الحصول على الماء من الأرض حتى نشربه فيحدث لنا الري، وعلى ذلك فالاستنباط هو استجلاب الحكم من النصوص الشرعية. [2] الاجتهاد كما عرفه المؤلف رحمه الله في كتابه "قانون الفكر الإسلامي" ص188: الاجتهاد: بذل الطاقة للحصول على مدارك الشيء، وأركانه:
أ- الاجتهاد.
ب- المجتهد.
جـ- المجتهد فيه.