وأن الأهم هو المعنى الباطن؛ ولذلك يقول ناصر الدين خسرو: "تفسير النص بالظاهر هو بدن العقيدة، بيد أن التفسير الأعمق يحل محل الروح، وأنَّى يحيا بدن بلا روح! ... ".
وهم يقولون بعلم الإشارة؛ وهو علم ما في القرآن من أسرار عن طريق العمل به، ويسمون هذا مذهب أهل الصفوة في المستنبطات الصحيحة في فهم القرآن..
والصوفية أيضًا يقولون بأن تحت كل حرف من حروف القرآن كثيرًا من الفهم، وهو مذخور لأهله على قدر ما قسم لهم من ذلك[1]، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} ..
وقوله سبحانه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} .
وقالوا: إن معنى {مِنْ شَيْءٍ} من شيء من علم الدين، وعلم الأحوال التي بين الخلق وبين الله تعالى، وغير ذلك..
وإنما يصل الإنسان إلى ذلك إذا تدبر في القرآن وتفكر وتيقظ وأحضر قلبه عند تلاوته؛ لأن الله تعالى يقول: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} .
والمهم هنا حضور القلب؛ لقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} . [1] والتحقيق أن كل ما خالف دلالة اللفظ الظاهرة بدون قرينة مردود لا يقبل، فقس على هذه القاعدة كل ما تجده من جزئيات في تفاسير الصوفية وغيرهم.