اسم الکتاب : إعجاز القرآن والبلاغة النبوية المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق الجزء : 1 صفحة : 199
ضخم الكراديس أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة سبط القصب شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعا يخطو تكفيا ويمشي هونا، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه يبدر من لقيه بالسلام» قال: قلت: صف لي منطقه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، طويل الفكرة، ليس له راحة لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتح كلامه ويختمه بأشداقه يتكلم بجوامع الكلم، فضل لا فضول ولا تقصير، دمث ليس بالجافي ولا المهين يعظم النعمة، وإن دقت، لا يذم منها شيئا لا يذم ذواقا ولا يمدحه» ، وفي رواية غيره «لم يكن ذواقا، ولا مدحة ولا تغضبه الدنيا، وما كان لها وإذا تعوطى الحق، لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام» .
انتهى.
***
ولقد أفاضوا في تحقيق أوصافه - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من ذلك ألفاظاً ومعانيَ ونقلوا الكثير الطيب من هذه الأوصاف الكريمة في كل باب من محاسن الأخلاق [1] ، مما لا يتسع هذا الموضع لبسطه، فتأمل [1] النص الجامع لأوصافه - صلى الله عليه وسلم - من دلائل النبوة للبيهقي:
236 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، لفظا وقراءة عليه وقال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العقيقي صاحب كتاب النسب «ببغداد قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو محمد، بالمدينة، سنة ثلاث وستين ومائتين، قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن علي بن الحسين، قال: قال الحسن بن علي: سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان وصافا، وأنا أرجو أن يصف لي شيئا أتعلق به. ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، ببغداد قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان الفسوي، قال: حدثنا سعيد بن حماد الأنصاري المصري، وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، قالا: حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي، قال: حدثني رجل بمكة، عن ابن لأبي هالة التميمي، عن الحسن بن علي، قال: سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي، وكان وصافا، عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به، فقال:» كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة [1] ، رجل الشعر، إن انفرقت عقيقته فرق، وفي رواية العلوي: إن انفرقت عقيصته [2] فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة [3] أذنه إذا هو وفره، أزهر [4] اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب، سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم. كث [5] اللحية، سهل الخدين «وفي رواية العلوي:» المسربة [6] ، كأن عنقه جيد دمية، في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا [7] متماسكا، سوي البطن والصدر، عريض الصدر «وفي رواية العلوي:» فسيح الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس [8] ، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة [9] والسرة بشعر يجري كالخط. عاري الثديين والبطن، مما سوى ذلك. أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة «وفي رواية العلوي:» رحب الجبهة، سبط القصب، شثن [10] الكفين والقدمين «لم يذكر العلوي القدمين» سائل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا ويمشي هونا، ذريع المشية إذا مشى، كأنما ينحط [11] من صبب [12] ، وإذا التفت التفت جمعا «وفي رواية العلوي:» جميعا «» خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء. جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه يبدر «وفي راوية العلوي:» يبدأ من لقي بالسلام «. قلت: صف لي منطقه، قال:» كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، متواصل الأحزان، دائم الفكرة «وفي رواية العلوي:» الفكر «» ليست له راحة، لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكتة «وفي رواية العلوي:» السكوت «» يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم «وفي رواية العلوي:» الكلام «» فصل [13] : لا فضول ولا تقصير. دمث: ليس بالجافي ولا المهين. يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا. لا يذم ذواقا ولا يمدحه «وفي رواية العلوي:» لم يكن ذواقا ولا مدحة «،» لا يقوم لغضبه إذا تعرض الحق شيء حتى ينتصر له «وفي الرواية الأخرى:» لا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها. إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، يضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى «وفي رواية العلوي» فيضرب بإبهامه اليمنى باطن راحته اليسرى «» وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه [14] ، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام «. قال: فكتمتها الحسين بن علي» زمانا، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه. فسأله عما سألته عنه ووجدته قد سأل أباه عن مدخله، ومجلسه ومخرجه، وشكله، فلم يدع منه شيئا [1] الهامة: الرأس [2] العقيصة: الضفيرة [3] الشحمة: ما لان من أسفل الأذن ويعلق فيه القرط [4] الأزهر: الأبيض المستنير [5] الكث: الغزير والكثيف [6] المسربة: شعر دقيق من الصدر إلى السرة [7] البادن: الضخم [8] الكراديس: جمع كردوس، وهي رءوس العظام [9] اللبة: موضع الذبح واللهزمة التي فوق الصدر [10] الشثن: الغليظ الخشن [11] ينحط: يسقط ويهوي [12] الصبب: المنحدر من الأرض [13] الفصل: البَيِّن الظاهر، الذي يَفْصِل بين الحقّ والباطل [14] الطرف: النظر
اسم الکتاب : إعجاز القرآن والبلاغة النبوية المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق الجزء : 1 صفحة : 199