وَاِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ
أَلا اِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لايَعْلَمُونَ 13
اعلم! ان وجه نظم هذا النوع بالنوع الأول:
من حيث انهما نصيحة وارشاد؛ عطف الأمر بالمعروف والتحلية والترغيب، على النهي عن المنكر والتخلية والترهيب..
ومن حيث انهما من الجناية؛ عطف تسفيههم للمؤمنين وغرورهم على افسادهم، كما ربط افسادهم بفسادهم اللاتي كل منها غصن من شجرة زقّوم النفاق.
واما وجه النظم بين جمل هذه الآية:
فاعلم! انه لما قيل: (واذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) وأشير بهيئاتها الى وجوب النصيحة على سبيل الكفاية بايمان خالص اتباعا للجمهور الذين هم الناس الكُمّل ليأمرهم الوجدان دائما بهذا الامر، حكى وقال: (قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) اشارة الى تمردهم وغرورهم ودعواهم انهم على الحق كما هو شأن كل مبطل يرى باطله حقا ويعلم جهله علما؛ اذ بالنفاق تفسَّد قلبُهم، وبالفساد نشأ غرورٌ وميلُ افساد، وبحكم التفسّد تمردوا، وبحكم الافساد يقول بعضهم لبعض متناجيا بالاضلال، وبحكم الغرور يرون شدة الديانة وكمال الايمان المقتضيين للاستغناء والقناعة سفالة وسفاهة وفقراً. ثم بحكم النفاق ينافقون في كلامهم هذا أيضاً؛ اذ ظاهره: كيف نكون كالسفهاء ولسنا مجانين ونحن أخيار كما تطلبون؟ وباطنه كيف نكون كالمؤمنين الذين أكثرهم فقراء وهم في نظرنا سفهاء تحزبوا من اَوْباش [1] الاقوام؟ وعليك التطبيق بين دقائق الجزئين من الشرطية. ثم القمهم الحجر بقوله: (ألا انهم هم السفهاء) ؛ اذ من كان متمرداً بهذه الدرجة وجاهلا بجهله فحقهم الاعلان بين الخلق وتشهيرهم بانحصار السفاهة وانه من الحقائق الثابتة، وان تسفيههم لسفاهة أنفسهم.. ثم قال: (ولكن لايعلمون) اشارة الى انهم جاهلون بجهلهم [1] سفلة الناس واخلاطهم.