اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 78
والنبوة، وهاتان في تقرير الفروع الحكمية[1].
وقد ختمت المائدة بصفة القدرة، كما افتتحت النساء بذلك[2].
وافتتحت النساء ببدء الخلق، وختمت المائدة بالمنتهى من البعث والجزاء[3]، فكأنهما سورة واحدة، اشتملت على الأحكام من المبتدأ إلى المنتهى.
ولما وقع في سورة النساء: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} "النساء: 105" الآيات، وكانت[4] نازلة في قصة سارق سرق درعًا[5]، فصل في سورة المائدة أحكام السراق والخائنين.
ولما ذكر في سورة النساء أنه أنزل إليك الكتاب لتحكم بين الناس، ذكر في سورة المائدة آيات في الحكم بما أنزل الله حتى بين الكفار، وكرر قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} "44، 45، 46".
فانظر إلى هذه السور الأربع المدنيات، وحسن ترتيبها، وتلاحمها، وتناسقها، وتلازمها. [1] مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور "2/ 67، 68و 88" وما بعدها. [2] ختام المائدة قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} "120"، وأول النساء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} "النساء: 1" الآية، وهو دليل القدرة. [3] بدء الخلق في أول النساء قوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} "النساء: 1" الآية، والمنتهى في ختام المائدة قوله: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} "119" الآية. [4] في المطبوعة: "فكانت"، والمثبت من "ظ". [5] قصة الدرع أخرجها ابن كثير في التفسير "2/ 358، 359"، وعزاها إلى ابن مردويه، من طريق عطية العوفي، ورواه الترمذي في حديث طويل فيه سرقة طعام وسلاح "8/ 395-399" بتحفة الأحوذي، وأخرجه الحاكم في المستدرك "4/ 385-388". وانظر: إرشاد الرحمن في المتشابه والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وتجويد القرآن للأجهوري، ورقة: 136أ، ب لزيادة التفاصيل.
اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 78