اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 71
منها: أن آل عمران ختمت بالأمر بالتقوى، وافتتحت هذه السورة به[1]، وذلك[2] من آكد[3] وجوه المناسبات في ترتيب السور، وهو نوع من [أنواع] [4] البديع يسمى: تشابه الأطراف.
ومنها: أن سورة آل عمران ذكر فيها قصة أحد مستوفاة، وذكر في هذه السورة ذيلها، وهو قوله: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} "88"؛ فإنها نزلت لما اختلف الصحابة فيمن رجع من المنافقين من غزوة أُحُد، كما في الحديث[5].
ومنها: أن في آل عمران ذكرت الغزوة التى بعد أُحُد بقوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} "آل عمران: 172"[6]، وأشير إليها هنا بقوله: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} "104" الآية[7].
وبهذين الوجهين[8] عرف أن تأخير النساء عن آل عمران أنسب من [1] ختتمت آل عمران بقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} "آل عمران: 200" وافتتحت بقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} "النساء: 1". [2] في المطبوعة: "وهذا"، والمثبت من "ظ". [3] في المطبوعة: "أكبر"، والمثبت من "ظ". [4] ما بين المعقوفين إضافة من "ظ". [5] أخرجه البخاري في التفسير "6/ 59" عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- ومسلم في المنافقين "8/ 128"، وأحمد في المسند "5/ 184"، وفيه: أن الصحابة اختلفوا فيمن رجع عن غزوة أحد، فقال فريق بقتلهم، وقال فريق: لا، فنزلت. [6] هو يوم حمراء الأسد، وكان عقب أحد، وكان الكفار قد ندموا أن لم يدخلوا المدينة، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فندب المسلمين للخروج على ما بهم من جراح؛ ليريهم أن بهم قوة وجلدًا. انظر: البخاري "5/ 130"، والمستدرك "2/ 298"، وسيرة ابن هشام "2/ 101". [7] ومن أسرار الترتيب أنه تعالى زاد في سورة محمد تفصيل سبب النهي عن الوهن في قوله: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} "محمد: 35"، فهناك واقعة خاصة، وهذا عام في قانون الحرب. [8] في المطبوعة: "الوجين" تحريف.
اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 71