اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 155
صدر يوم القيامة، ثم بعد ذلك يكون الموقف الطويل، ومقاساة العرق والأهوال، فذكره في هذه السورة بقوله: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} "6"؛ ولهذا ورد في الحديث: "يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه" [1].
ثم بعد ذلك تحصل الشفاعة العظمى، فتنشر الكتب، فأَخْذٌ باليمين، وأَخْذٌ بالشمال، وأخذ من وراء الظهر، ثم بعد ذلك يقع الحساب.
هكذا وردت بهذا الترتيب الأحاديث، فناسب تأخير سورة الانشقاق التي فيها إتيان الكتب والحساب[2]، عن السورة التي قبلها، والتي فيها ذكر الموقف عن التي فيها مبادئ يوم القيامة.
ووجه آخر وهو: أنه جل جلاله لما قال في الانفطار: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ} "الانفطار: 10، 11"، وذلك في الدنيا، ذكر في هذه السورة حال ما يكتبه الحافظان، وهو: كتاب مرقوم جعل[3] في عليين، أو في سجين، وذلك أيضًا في الدنيا؛ لكنه عقَّب بالكتابة، إما في يومه، أو بعد الموت في البرزخ كما في الآثار، فهذه حالة ثانية للكتاب[4] ذكرت في السورة الثانية.
وله حالة ثالثة متأخرة عنها[5]؛ وهي أخذ صاحبه باليمين أو غيرها، وذلك يوم القيامة، فناسب تأخير السورة التي فيها ذلك، عن [1] أخرجه البخاري في التفسير "6/ 207" عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وأحمد في المسند مع اختلاف في اللفظ "2/ 13، 19"، وعلى المطابقة "2/ 31". [2] وذلك في قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} إلى {وَيَصْلَى سَعِيرًا} "الانشقاق: 7-12". [3] في "ظ": "يجعل". [4] في المطبوعة: "في الكتاب"، والمثبت من "ظ". [5] في المطبوعة: "فيها"، والمثبت من "ظ".
اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 155