اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 105
سورة الكهف:
قال بعضهم: مناسبة وضعها بعد سورة الإسراء: افتتاح تلك بالتسبيح، وهذه بالتحميد[1]، وهما مقترنان في القرآن وسائر الكلام؛ بحيث يسبق التسبيح التحميد؛ نحو: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} 2 "الحجر: 98"، وسبحان الله وبحمده.
قلت: مع اختتام ما قبلها بالتحميد أيضًا[3]، وذلك من وجوه المناسبة بتشابه الأطراف.
ثم ظهر لي وجه آخر أحسن[4] في الاتصال؛ وذلك: أن اليهود أمروا المشركين أن يسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ثلاثة أشياء: عن الروح، وعن قصة أصحاب الكهف، وعن قصة ذي القرنين[5]، وقد ذكر جواب السؤال الأول في آخر سورة بني إسرائيل، فناسب اتصالها بالسورة التي اشتملت على جواب السؤالين الآخرين[6].
فإن قلت: هلَّا جمعت الثلاثة في سورة واحدة؟ [1] وسبب آخر ذكره ابن الزملكاني؛ هو: أن سورة الإسراء اشتملت على الإسراء الذي كذب به المشركون، وكذبوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أجله، وتكذيبه تكذيب لله، فأتى بسبحان تنزيهًا لله عما نُسب إلى نبيه من الكذب، وسورة الكهف لما نزلت بعد سؤال المشركين عن قصة أصحاب الكهف وتأخر الوحي، ونزلت مبينة أن الله لم يقطع نعمته عن رسوله ولا المؤمنين فناسب افتتاحها بالحمد "الإتقان: 3/ 387".
2 أو: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} كما ورد في الحجر: 98، وطه: 130، وغافر: 55، وق: 39، والطور: 48، وغير ذلك. [3] ختام الإسراء: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} "الإسراء: 111" الآية. [4] في "ظ": "حسن". [5] انظر: تفسير ابن كثير "5/ 137". [6] ينظر: مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور "2/ 230، 231".
اسم الکتاب : أسرار ترتيب القرآن المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 105