responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 625
وَأَيْضًا لَمَّا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ لَفْظًا مُجْمَلًا قَدْ يَقَعُ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَاتَّفَقُوا أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ وَالشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ مُرَادُونَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَأَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ عَلَيْهِمْ، صَارَ كَقَوْلِهِ "الشَّاهِدَانِ أَوْ الشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ عَلَى الْمُدَّعِي" فَغَيْرُ جَائِزٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا دُونِهِمْ. وَهَذَا الْخَبَرُ وَإِنْ كَانَ وُرُودُهُ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ قَدْ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ وَالِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ فِي حَيِّزِ الْمُتَوَاتِرِ; وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ" فَحْوَى هَذَا الْخَبَرِ ضَرْبَيْنِ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى بُطْلَانِ الْقَوْلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ يَمِينَهُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ مُخْبِرَهَا وَمُخْبِرَ دَعْوَاهُ وَاحِدٌ، فَلَوْ اسْتَحَقَّ بِيَمِينِهِ كَانَ مُسْتَحِقًّا بِدَعْوَاهُ، وَقَدْ مَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ. وَالثَّانِي: أَنَّ دَعْوَاهُ لَمَّا كَانَتْ قَوْلُهُ وَمَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهَا شَيْئًا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِيَمِينِهِ; إذْ كَانَتْ يَمِينُهُ قَوْلَهُ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الْحَضْرَمِيِّ الَّذِي خَاصَمَ الْكِنْدِيَّ فِي أَرْضٍ ادَّعَاهَا فِي يَدِهِ وَجَحَدَ الْكِنْدِيُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ: "شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَك إلَّا ذَلِكَ" فَنَفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَنْفِ بِذَلِكَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَذَلِكَ لَا يَنْفِي أَنْ يَسْتَحِقَّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. قِيلَ لَهُ: قَدْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدًا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ مَا يُوجِبُ صِحَّةَ دَعْوَاهُ عِنْدَ الْجُحُودِ، فَأَمَّا حَالُ الْإِقْرَارِ فَلَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الدَّلَالَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إلَّا مَا ذَكَرْنَا فِي الْخَبَرِ، وَالْإِقْرَارُ قَدْ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ وُجُوبُ الِاسْتِحْقَاقِ بِهِ، فَحَكَمْنَا بِهِ; وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَضَى قَوْلُهُ: "شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكَ إلَّا ذَلِكَ" بِبُطْلَانِهِ.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ بِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ مُبْهَمَةً ذُكِرَ فِيهَا قَضِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ أَنَا ذَاكِرُهَا وَمُبَيِّنُ مَا فِيهَا: أَحَدُهَا: مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن سيما قال: حدثنا عبد الله بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ". وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ. وَحَدِيثٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفٌ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ". وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو داود قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، بإسناده ومعناه.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 625
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست