responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 604
يُسْتَوْفَى لَهَا سَائِرُ شُرُوطِهَا مِنْ الْبُلُوغِ وَالْعَدَالَةِ. وَمِنْ حَيْثُ أَجَازُوا شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَوَاجِبٌ إجَازَتُهَا عَلَى الرِّجَالِ لِأَنَّ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لَيْسَتْ بِآكَدَ مِنْهَا عَلَى الرِّجَالِ; إذْ هُمْ فِي حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ; وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْأَعْمَى، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى بِحَالٍ" وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى بِحَالٍ"، وَرُوِيَ عَنْ أَشْعَثَ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: "إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي شَيْءٍ رَآهُ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ بَصَرُهُ". وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي طُعْمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سِيمَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ جُبَيْرٍ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ شَهِدَ أَعْمَى عِنْدَ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى شَهَادَةٍ، فَقَالَ لَهُ إيَاسٌ: لَا نَرُدُّ شَهَادَتَك إلَّا أَنْ لَا تَكُونَ عَدْلًا، وَلَكِنَّك أَعْمَى لَا تُبْصِرُ قَالَ: فَلَمْ يَقْبَلْهَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ: "إذَا عَلِمَهُ قَبْلَ الْعَمَى جَازَتْ، وَمَا عَلِمَهُ فِي حَالِ الْعَمَى لَمْ تَجُزْ". وَقَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ: "شَهَادَةُ الْأَعْمَى جَائِزَةٌ". وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: "شَهَادَةُ الْأَعْمَى جَائِزَةٌ، وَإِنْ عَلِمَهُ فِي حَالِ الْعَمَى إذَا عَرَفَ الصَّوْتَ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ شَهِدَ عَلَى زِنَا أَوْ حَدِّ الْقَذْفِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ".
وَالدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَلْخِيّ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى يُعْرَفُ بـ خَتّ [1] قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنُ مَسْمُولٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشَّهَادَةِ فَقَالَ: "تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟ [2] فَاشْهَدْ! وَإِلَّا فَدَعْ" فَجَعَلَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ مُعَايَنَةَ الشَّاهِدِ لِمَا شَهِدَ بِهِ، وَالْأَعْمَى لَا يُعَايِنُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْأَعْمَى يَشْهَدُ بِالِاسْتِدْلَالِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّوْتَ قَدْ يُشْبِهُ الصَّوْتَ وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ يُحَاكِي صَوْتَ غَيْرِهِ وَنَغْمَتَهُ حَتَّى لَا يُغَادِرَ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يَشُكُّ سَامِعُهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ أَنَّهُ الْمَحْكِيُّ صَوْتُهُ؟ فَغَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الصَّوْتِ; إذْ لَا يَرْجِعُ مِنْهُ إلَى يَقِينٍ وَإِنَّمَا يُبْنَى أَمْرُهُ عَلَى غالب الظن. وأيضا

[1] قوله: "خت" بفتح الخاء المعجمة تشديد التاء المثناة، علم على يحيى بن موسى أحد أشياخ البخاري. "لمصححه".
[2] قوله: "ترى هذه الشمس" هكذا في جميع النسخ التي بأيدينا، ومعناه: أن تر المشهود مثل الشمس فاشهد. "لمصححه".
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 604
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست