responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 565
وَمِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ
وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ" وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: "عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ" وَهُمَا سَوَاءٌ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: "إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ" إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَقْدِ عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِمِقْدَارِ الْمَجْلِسِ; لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَهُمَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ، إلَّا أَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ جَائِزٌ وَهُمَا دَيْنَانِ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بطل.

بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدِ" وَذَكَرَ الْأَصْنَافَ السِّتَّةَ، ثُمَّ قَالَ: "بِيعُوا الْحِنْطَةَ بِالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ" وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: "وَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ" فَمَنَعَ النَّسَاءَ فِي الْجِنْسَيْنِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَأَبَاحَ التَّفَاضُلَ; فَحَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا.
وَمِنْ الرِّبَا الْمُرَادِ بِالْآيَةِ شِرَى مَا يُبَاعُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ رِبًا حَدِيثُ يُونُسُ بْنَ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كُنْت عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ: إنِّي بِعْت زَيْدَ بْنَ أَرَقْمَ جَارِيَةً لِي إلَى عَطَائِهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا فَاشْتَرَيْتهَا مِنْهُ بِسِتِّمِائَةٍ؟ فَقَالَتْ: بِئْسَمَا شَرَيْت وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْت أَبْلَغِي زِيدَ بْنَ أَرَقْمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ لَمْ يَتُبْ. فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْت إنْ لَمْ آخُذْ إلَّا رَأْسَ مَالِي؟ فَقَالَتْ: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} فَدَلَّتْ تِلَاوَتُهَا لَآيَةِ الرِّبَا عِنْدَ قَوْلِهَا "أَرَأَيْت إنْ لَمْ آخُذْ إلَّا رَأْسَ مَالِي" أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهَا مِنْ الرِّبَا، وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَكَمِ بْنِ زُرَيْقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَأَلْته عَنْ رَجُلٍ بَاعَ طَعَامًا مِنْ رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ فَأَرَادَ الَّذِي اشْتَرَى الطَّعَامَ أَنْ يَبِيعَهُ بِنَقْدٍ مِنْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: هُوَ رِبًا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَرَادَ شِرَاءَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ; إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ شِرَاءَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ جَائِزٌ، فَسَمَّى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ذَلِكَ رِبًا. وَقَدْ رُوِيَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ فِي آخَرِينَ: "إنْ بَاعَهُ بِنَقْدٍ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، فَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَشْتَرِهِ بِأَقَلَّ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ". وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ جَازَ; وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَبْضَ الثَّمَنِ; وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ. فَدَلَّ قَوْلُ عَائِشَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ ذَلِكَ رِبًا، فَعَلِمْنَا أَنَّهُمَا لَمْ يُسَمِّيَاهُ رِبًا إلَّا تَوْقِيفًا; إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ اسْمًا لَهُ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ فَلَا يُسَمَّى بِهِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ، وَأَسْمَاءُ الشَّرْعِ تَوْقِيفٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; وَاَللَّهُ تعالى أعلم بالصواب.

وَمِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ
وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ" وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: "عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ" وَهُمَا سَوَاءٌ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: "إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ" إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَقْدِ عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِمِقْدَارِ الْمَجْلِسِ; لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَهُمَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ، إلَّا أَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ جَائِزٌ وَهُمَا دَيْنَانِ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بطل.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 565
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست