responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 530
فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ". وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "إذَا خَلَا بِهَا وَلَمْ يُجَامِعْهَا حَتَّى طَلَّقَ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْكِتَابِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] فَأَوْجَبَ إيفَاءَ الْجَمِيعِ، فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ; وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 20 - 21] فِيهِ وَجْهَانِ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، أَحَدُهُمَا: قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً} [النساء: 20 - 21] وَالثَّانِي: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21] وَقَالَ الْفَرَّاءُ: "الْإِفْضَاءُ الْخَلْوَةُ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ" وَهُوَ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْإِفْضَاءَ اسْمٌ لِلْخَلْوَةِ; فَمَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الْخَلْوَةِ; وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا تَكُونُ مَمْنُوعًا فِيهَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ; لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَضَاءِ مِنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا بِنَاءَ فِيهِ وَلَا حَاجِزَ يَمْنَعُ مِنْ إدْرَاكِ مَا فِيهِ، فَأَفَادَ بِذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ الْمَهْرِ بِالْخَلْوَةِ عَلَى وَصْفٍ وَهِيَ الَّتِي لَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا وَلَا مَانِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالِاسْتِمْتَاعِ; إذْ كَانَ لَفْظُ الْإِفْضَاءِ يَقْتَضِيهِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 25] وقَوْله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24] يَعْنِي مُهُورَهُنَّ. وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِيتَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنِ شَاذَّانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "مَنْ كَشَفَ خِمَارَ امْرَأَةٍ وَنَظَرَ إلَيْهَا وَجَبَ الصَّدَاقُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ" وَهُوَ عِنْدَنَا اتِّفَاقُ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ; لِأَنَّ حَدِيثَ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَا يُثْبِتُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ طَرِيقِ فِرَاسٍ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ: "قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّهُ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ" فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَضَاءُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ".
وَمِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الوطء أو

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 530
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست